بالتنصيص وأن النبي الأكرم ( صلی الله عليه وآله وسلم ) نص في أيام حياته على الخليفة من بعده ، وذلك في موارد ضبطها التاريخ أشهرها قوله ( عليه السلام ) في يوم الغدير ، أي الثامن عشر من ذي الحجة الحرام في عام حجة الوداع في منصرفه من مكة عند بلوغه غدير خم رافعاً يد علي ( عليه السلام ) في محتشد كبير وهو يقول : « ألست أولى بكم من أنفسكم » ؟ قال الناس : « نعم » ، فقال : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » . وقد قامت ثلة كبيرة من علماء الفريقين بضبط طرق هذا الحديث وأسناده ، فألفوا في ذلك مختصرات ومفصلات ، أجمعها وأعمها كتاب الغدير لآية الله الحجة الأميني ـ رضوان الله عليه ـ .
هذا ما عند الشيعة ، وأما عند السنة فالرأي السائد هو عدم التنصيص على أحد والزعم بأن رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) مات ولم يستخلف . فهذا هو إمام الحرمين يقول : « وما نص النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) على إمامة أحد بعده وتوليته ، إذ لو نص على ذلك لظهر وانتشر كما اشتهرت تولية رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سائر ولاته وكما اشتهر كل أمر خطير » (١) .
وقال الأشعري : « ومما يبطل قول من قال بالنص على أبي بكر :
أنّ أبا بكر قال لعمر : « ابسط يدك أبايعك » يوم السقيفة ، فلو كان رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) نص على إمامته لم يجز أن يقول ابسط يدك أبايعك » (٢) .
وقد عقد ابن كثير الحنبلي في كتابه « البداية والنهاية » باباً مستقلاً في أن رسول الله لم يستخلف وتبعه السيوطي في « تاريخ الخلفاء » (٣) .
والمسألة ـ أي عدم وجود النص على المتقمصين بالخلافة بعد النبي ـ من
____________________
(١) لمع الأدلة : ص ١١٤ .
(٢) اللمع : ص ١٣٦ .
(٣) لاحظ البداية : ج ٥ ص ٢٥٠ ، وتاريخ الخلفاء : ص ٧ ط مصر .