فكبّر أبو بكر . . . إلى أن قال لعثمان : جزاك الله خيراً عن الإسلام وأهله ، وأمره أبو بكر من هذا الموضع » (١) .
وأما عثمان فقد انتخب عن طريق الشورى التي عين أعضاءها عمر بن الخطاب عندما طعنه أبو لؤلؤة ـ غلام المغيرة بن شعبة ـ وكان أعضاء الشورى ستة أشخاص وهم : علي بن أبي طالب ، وسعد بن أبي وقاص ، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبد الله ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام (٢) .
قد ذكر التاريخ كيفية استلام عثمان للخلافة فهذا هو التاريخ المسلم به ، يعرب بوضوح عن عدم وجود نص على واحد من الخلفاء الثلاث جميعاً وإلا لم يحتج إلى تعيين أول الخلفاء لثانيهم وإلى تعيين الشورى وانتخاب الخليفة عن طريقها .
وقد قام المحدثون القدامى منهم والمتأخرون ، بجمع ما ورد من الأحاديث حول الخلافة والإمارة ، منهم الإمام أبو السعادات الجزري في كتابه « جامع الأصول من أحاديث الرسول » فقد جمعها في الجزء الرابع من هذا الكتاب ، ومنهم العلامة علاء الدين علي المتقي الهندي ( ت ٩٧٥ ) فقد جمعها في كتابه « كنز العمال » الجزء الخامس ، ولا يوجد فيه نص صريح على واحد من الخلفاء الثلاث .
نعم في المقام روايات تشير إلى أن الخلافة من حق قريش وهي أحاديث مشهورة موجودة في الكتاب الآنف ذكره .
إذا وقفت على هذين الأمرين ، تقف على أن ما ادعيناه من عدم كون الاعتقاد بخلافة الخلفاء من صميم الدين نتيجة ذينك الأمرين ، وذلك لأنه إذا كان أصل الإمامة والخلافة من الفروع لا من الاُصول ، من جانب ، وثبت حسب نصوص القوم أن النبي لم ينص على خلافة واحد منهم من جانب آخر ، غاية ما في الباب أن الأمة في صدر الإسلام قاموا بواجبهم الشرعي أو العقلي حيث كان
____________________
(١) الإمامة والسياسة لابن قتيبة : ص ١٨ وص ٢٥ ط مصر والشرح الحديدي : ج ١ ص ١٦٥ .
(٢) تاريخ الطبري : ج ٣ ص ٢٩٣ .