١ ـ الحق الذي يراه المتتبع في التاريخ هو أن عقيدة خلافة الخلفاء الثلاث وقداستهم البالغة ، قد أقحمت في عقائد أهل السنة إقحاماً ، وإنما كان ذلك رد فعل ومحاكاة لعقيدة الشيعة في علي ( عليه السلام ) وأولاده الطاهرين ، ولذا صيغت هذه العقيدة أولاً عند أهل السنة في قالب الرد والمعارضة لعقيدة الشيعة فقط ، ثم ألحقوا علياً ( عليه السلام ) بهم في عصر متأخر .
وبتفصيل أكثر نقول : إن جعل خلافة الشيخين من العقائد ، لم يكن في القرن الأول . وغاية ما كان يقال فيهما هو أن خلافتهما كانت صحيحة .
هذا فضلاً عن عقيدتهم في خلافة عثمان وعلي ، بل إن عثمان لم يكن بذلك المرضي عند الناس .
ثم إن المرجئة كانت تشك في عدالة عثمان وعلي ، بل في إيمانهما (١) . ونحلة الإرجاء كانت شائعة في عامة الناس آنذاك قبل غلبة أهل الحديث ، بل لقد كان لهم القدح المعلى حتى بعد وجود أهل الحديث والسنة في كثير من البلاد . حتى قال الأمير نشوان الحميري : « وليس كورة من كور الإسلام إلّا والمرجئة غالبون عليها إلا القليل » (٢) .
٢ ـ تقرر الأمر في نحلة أهل الحديث على قبول خلافة علي ( عليه السلام ) بعد ما كانوا في الغالب من العثمانية ينكرون خلافة علي ويظهر أن قبول خلافة علی ( عليه السلام ) كان على يد الإمام أحمد بن حنبل ، فقد ذكر ابن أبي يعلى بالإسناد عن وديزة الحمصي قال : « دخلت على أبي عبد الله أحمد بن حنبل حين أظهر التربيع بعلي ـ رضي الله عنه ـ فقلت له : يا أبا عبد الله إن هذا لطعن على طلحة والزبير ، فقال : بئس ما قلت وما نحن وحرب القوم وذكرها ، فقلت : أصلحك الله إنما ذكرناها حين ربعت بعلي وأوجبت له الخلافة وما يجب للأئمة قبله ، فقال لي : وما يمنعني من ذلك ، قال : قلت : حديث ابن
____________________
(١) طبقات النساء : ج ٦ ص ١٥٤ .
(٢) الحور العين : ص ٢٠٣ .