الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) (١) .
فالدعوة إلى التوحيد ورفض الأصنام وبسط العدل والقسط بين الناس والدعوة إلى الاعتدال في ما يرجع إلى أمور الدنيا والآخرة وتأمين سبل الحياة والحفاظ على الروابط العائلية و . . . كلها أصول إسلامية مطابقة للفطرة الإنسانية .
فإذا كان هذا هو الأساس لنشر الإسلام في العالم وجذب النفوس إليه فيجب على قادة المسلمين على الإطلاق والحنابلة وأهل الحديث بالخصوص ، تجريد الدعوة عن الأمور التي تعارض الفطرة ومن التي تناطح العقل السليم ، ثم عرض الإسلام بشكل يتجاوب مع العقول السليمة كما كانت عليه الدعوة المحمدية آن ظهورها وبعدها ، وهذه الغاية المتوخاة لا تتحقق ـ بلا مجاملة ـ إلا بدراسة الأصول والعقائد التي نسجت على طبق الأحاديث الموجودة في الصحاح والمسانيد من رأس والعودة إليها من جديد حتى تصفو الدعوة من الأمور التي يشمئز منها شعور الإنسان الحر صاحب الفطرة السليمة التي بني عليها دين الله في عامة الشرائع السماوية .
هلم معي نلاحظ نماذج من الأصول التي قامت عليها الدعوة الحنبلية المتسمية في هذه العصور بالدعوة السلفية ثم نعرضها على محك الصحة ومقياسها « الفطرة الإنسانية » ، فهل هي تتجاوب معها ؟ ونحن لا نطيل الكلام بعرض عامة الأصول بل نأخذ ـ كما قلنا ـ نماذج ونجعلها على مرأى ومسمع من القاریء :
أفهل يمكن دعوة شعوب العالم إلى الإسلام مع القول بأن الله سبحانه كإنسان له من الأعضاء ما للإنسان عدا اللحية والفرج ، وأن له عينين ناظرتين وذراعين وصدراً ونفساً ورجلاً وحقواً ونزولاً وصعوداً إلى غير ذلك مما ملأ كتب الحنابلة وقليلاً من كتب الأشاعرة ؟ وأقصى ما عندهم أن له سبحانه هذه
____________________
(١) سورة الروم : الآية ٣٠ .