البعض منهم كفروه ، ولقي من الذل والهوان ما لقي وقد انتدب بعض تلامذته للذب عنه وتبرئته مما نسب إليه وساق له عبارات أوضح معناها ، وأبان غلط الناس في فهم مراده واستشهد بعبارات له أخرى صريحة في دفع التهمة عنه ، وأنه لم يخرج عما عليه الإجماع ، وذلك هو المظنون بالرجل لجلال قدره ورسوخ قدمه .
وما تمسك به المخالفون القائلون بالجهة أمور واهية وهمية ، لا تصلح أدلة عقلية ولا نقلية ، قد أبطلها العلماء بما لا مزيد عليه ، وما تمسكوا به ظواهر آيات وأحاديث موهمة كقوله تعالى ( الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) وقوله ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ) وقوله ( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) وقوله ( أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ ) وقوله ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ) وكحديث إنه تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة وفي رواية « في كل ليلة جمعة فيقول هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ » وكقوله للجارية الخرساء « أين الله فأشارت إلى السماء » حيث سأل بأين التي للمكان ولم ينكر عليها الإشارة إلى السماء ، بل قال إنها مؤمنة .
ومثل هذه يجاب عنها بأنها ظواهر ظنية لا تعارض الأدلة القطعية اليقينيّة الدالة على انتفاء المكان والجهة ، فيجب تأويلها وحملها على محامل صحيحة لا تأباها الدلائل والنصوص الشرعية ، إما تأويلاً إجمالياً بلا تعيين للمراد منها كما هو مذهب السلف ، وإما تأويلاً تفصيلياً بتعيين محاملها وما يراد منها كما هو رأي الخلف ، كقولهم « إن الاستواء بمعنى الاستيلاء » كما في قول القائل :
قد استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
وصعود
الكلم الطيب إليه قبوله إياه ورضاه به ، لأن الكلم عرض يستحيل صعوده وقوله : « من في السماء » أي أمره وسلطانه أو ملك من ملائكته موكل بالعذاب ، وعروج الملائكة والروح إليه صعودهم إلى مكان يتقرب إليه فيه . وقوله : « فوق عباده » أي بالقدرة والغلبة فإن كل من قهر غيره وغلبه فهو فوقه أي عال عليه بالقهر والغلبة ، كما يقال أمر فلان فوق أمر فلان أي إنه أقدر منه وأغلب . ونزوله إلى السماء محمول على لطفه ورحمته