وعدم المعاملة بما يستدعيه علو رتبته وعظم شأنه على سبيل التمثيل ، وخص الليل لأنه مظنة الخلوة والخضوع وحضور القلب . وسؤاله للجارية « بأين » استكشاف لما يظن بها اعتقاده من أينية المعبود كما يعتقده الوثنيون ، فلما أشارت إلى السماء فهم أنها أرادت خالق السماء فاستبان أنها ليس وثنية ، وحكم بإيمانها .
وقد بسط العلماء في مطولاتهم تأويل كل ما ورد من أمثال ذلك ، عملاً بالقطعي وحملاً للظني عليه ، فجزاهم الله عن الدين وأهله خير الجزاء .
ومن العجيب أن يدع مسلم قول جماعة المسلمين وأئمتهم ويتمشدق بترهات المبتدعين وضلالتهم . أما سمع قول الله تعالى ( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) فليتب إلى الله تعالى من تلطخ بشيء من هذه القاذورات ولا يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ، ولا يحملنه العناد على التمادي والإصرار عليه فإن الرجوع إلى الصواب عين الصواب والتمادي على الباطل يفضي إلى أشد العذاب ( مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا ) .
نسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وصلى الله تعالى وسلم على سيدنا محمد وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أملاه الفقير إليه سبحانه « سليم البشري » خادم العلم والسادة المالكية بالأزهر عفا عنه آمين آمين » (١) .
هذه هي قصة أهل الحديث والدعوة السلفية بأدوارها المختلفة .
* * *
____________________
(١) الفرقان للعلامة القضاعي المصري : ص ٧٢ ـ ٧٦ وقد طبع مع كتاب « الأسماء والصفات » للبيهقي ، وتوفي المجيب عام ١٣٣٥ وهو الذي قد جرت بينه وبين السيد شرف الدين مكاتبات طبعت باسم « المراجعات » .