وكل يدعي وصلاً بليلى |
|
وليلى لا تقر لهم بذاكا |
نعم كان هذا التشاجر قائماً بينهم على قدم وساق إلى أن تغلب جناح هذا الصنف من المهاجرين على جبهة الأنصار بإعانة بعض الأنصار وهو « بشير بن سعد » وهو ابن عم « سعد بن عبادة » فبايع أبا بكر حتى يكسر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا أجمعوا أمرهم ، ولما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد وما تدعو إليه قريش وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة ، قال بعضهم لبعض ـ وفيهم أسيد بن حضير وكان أحد النقباء ـ : والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ولا جعلوا لكم معهم فيها نصيباً فقوموا فبايعوا أبا بكر فقاموا إليه وبايعوه (١) .
وهناك كلمة قيمة للإمام أمير المؤمنين في تقييم احتجاج الأنصار والمهاجرين نقلها الشريف الرضي في نهج البلاغة ، قال : لمّا انتهت إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنباء السقيفة ، بعد وفاة رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم ، قال عليه السلام : « ما قالت الأنصار ؟ » قالوا : قالت : منّا أمير ومنكم أمير . قال عليه السلام :
« فهلا احتججتم عليهم بأن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وصى بأن يحسن إلى محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم » ! .
قالوا : « وما في هذا من الحجة عليهم ؟ » .
فقال عليه السلام : « لو كانت الإمارة فيهم ، لم تكن الوصية بهم » .
ثم قال عليه السلام : « فماذا قالت قريش ؟ » .
قالوا : « احتجت بأنها شجرة الرسول صلی الله عليه وآله وسلم » .
فقال عليه السلام : « احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة » (٢) .
____________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٢ حوادث سنة ١١ ص ٤٥٨ .
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ٦٤ .