مبدأ أحداث وعقائد في التاريخ . وكان الحافز القوي على تكوّن هذه الفرقة هو سوء الفهم واعوجاج السليقة وقد عرفهم الإمام بقوله ـ عندما شهروا سيوفهم عليه في النهروان ـ « فأنا نذيركم أن تصبحوا صرعى بأثناء هذا النهر وبأهضام هذا الغائط على غير بينة من ربكم ولا سلطان مبين معكم ، قد طوحت بكم الدار واحتبلكم المقدار وقد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة فأبيتم علي إباء المخالفين المنابذين ، حتى صرفت رأيي إلى هواكم وأنتم معاشر أخفّاء الهام ، سفهاء الأحلام » (١) .
وللإمام كلمة أخرى يشير فيها إلى السبب الذي فارقوا به عن الحق قال صلوات الله عليه : « لا تقتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه » ( يعني معاوية وأصحابه ) .
قال الإمام عبده : « والخوارج من بعده وإن كانوا قد ضلوا بسوء عقيدتهم فيه إلا أن ضلتهم لشبهة تمكنت في نفوسهم فاعتقدوا أن الخروج عن طاعة الإمام مما يوجبه الدين عليهم فقد طلبوا حقاً وأرادوا تقريره شرعاً فأخطأوا الصواب فيه » (٢) .
وقد زعموا أن مسألة التحكيم تخالف قوله سبحانه : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ) (٣) .
وسيوافيك مفاد الآية ومقالة المحتجين بها ـ عند البحث عن عقائد تلك الفرقة ـ كي يظهر مدى اعوجاج فهم القوم .
ظهور المرجئة
قد كان لظهور الخوارج أثر بارز في حدوث الفتن وظهور الحوادث الأخر في المجتمع الإسلامي وقد نجمت المرجئة من تلك الناحية حيث إن الإرجاء
____________________
(١) نهج البلاغة شرح محمد عبده : ج ١ ص ٨٢ الخطبة : ٣٥ .
(٢) نهج البلاغة ط مصر ، بشرح محمد عبده : ج ١ ص ١٠٣ خطبة ٥٨ .
(٣) سورة يوسف : الآية ٤٠ .