حماد مثل ذلك ، بل تحمّسه البالغ أدّى به إلى التجسيم ، كما وقع ذلك لشيخ شيخه مقاتل بن سليمان ، وتجد آثار الضرر الوبيل في مروياتهما في كتب الرواة الذين كانوا يتقلدونها من غير معرفة منهم لما هناك وإليك كتاب « الاستقامة » لخشيش بن أصرم ، والكتب التي تسمى « السنة » لعبد الله ( ابن أحمد بن حنبل ) وللخلال ، و « التوحيد » لابن خزيمة وغيرهم مما تجد فيها ما ينبذه الشرع والعقل ، ولا سيما كتاب « النقض » لعثمان بن سعيد الدارمي السجزي المجسم فإنّه أوّل من اجترأ بالقول « إنّ الله لو شاء لاستقرّ على ظهر بعوضة فاستقلّت به بقدرته فكيف على عرش عظيم » هذا بعض ما لعب به أعداء الإسلام في أصول الدين (١) . ولا يقصر عنها كتاب « العلو » للذهبي .
٩ ـ وقال الدكتور أحمد أمين : « اتصل بعض الصحابة بوهب بن منبه ، وكعب الأحبار ، وعبد الله بن سلام ، واتصل التابعون بابن جريج ، وهؤلاء كانت لهم معلومات رووا عن التوراة والإنجيل وشروحها وحواشيها ، فلم ير المسلمون بأساً من أن يقصوها بجانب آيات القرآن ، فكانت منبعاً من منابع التضخيم » (٢) .
١٠ ـ قال أبو رية : « لما قويت شوكة الدعوة المحمدية ، واشتد ساعدها ، وتحطمت أمامها كل قوة تنازعها ، لم ير من كانوا يقفون أمامها ، ويصدون عن سبيلها ، إلا أن يكيدوا لها عن طريق الحيلة والخداع ، بعد أن عجزوا عن النيل منها بعدد القوة والنزاع . ولما كان أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود ، لم يجدوا بداً من أن يستعينوا بالمكر ، ويتوسلوا بالدهاء ، لكي يصلوا إلى ما يبتغون فهداهم المكر اليهودي إلى أن يتظاهروا بالإسلام ، ويطووا نفوسهم على دينهم ، حتى يخفى كيدهم ، ويجوز على المسلمين مكرهم » (٣) .
أوليس ذلك الاستغلال والسيطرة على عقول المسلمين ، هو نتيجة
____________________
(١) نظرة في كتاب « الأسماء والصفات » للبيهقي مقدمة الشيخ محمد زاهد الكوثري : ص ٥ ، وقال بمقالة السجزي ابن تيمية في كتابه « غوث العباد » المطبوع بمصر مطبعة الحلبي عام ١٣٥١ .
(٢) ضحى الإسلام : ج ٢ ص ١٣٩ .
(٣) أضواء على السنة المحمدية : ص ١٣٧ .