رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما من آية إلّا ولها ظهر وبطن ...» ، فقال : «ظهره تنزيله ، وبطنه تأويله ، منه ما قد مضى ومنه ما لم يجئ ، يجري كما تجري الشمس والقمر ، كلّما جاء شيء منه وقع ...» (١).
وقال : «ظهر القرآن : الذين نزل فيهم ، وبطنه : الذين عملوا بمثل أعمالهم» (٢).
وأضاف عليهالسلام : «ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ، ثم مات أولئك القوم ، ماتت الآية ، لما بقي من القرآن شيء ، ولكنّ القرآن يجري أوّله على آخره ما دامت السماوات والأرض ، ولكل قوم آية يتلونها هم منها من خير أو شرّ» (٣).
نعم كان العلم بباطن الآية ، أي القدرة على انتزاع مفهوم عام صالح للانطباق على موارد مشابهة ، خاصا بالراسخين في العلم ، وليس يفهمه كل أحد حسب دلالة الآية في ظاهرها البدائي.
والخلاصة : أنّ لتعابير القرآن دلالتين : دلالة بالتنزيل ؛ وهو ما يستفاد من ظاهر التعبير ، ودلالة أخرى بالتأويل ؛ وهو المستفاد من باطن فحواها ، وذلك بانتزاع مفهوم عام صالح للانطباق على الموارد المشابهة عبر الأيام. إذن أصبح القرآن ذا دلالتين : ظاهرة وباطنة ، الأمر الذي امتاز به على سائر الكلام.
مثلا آية الإنفاق في سبيل الله ، نزلت بشأن الدفاع عن حريم الإسلام ، فكان واجبا على المسلمين القيام بهذا الواجب الديني ؛ ليأخذوا بأهبة الأمر ويعدّوا له عدّته ، ومنها بذل الأموال فضلا عن بذل النفوس. هذا شيء كان واجبا على عامّة المكلّفين أنفسهم كلّ حسب إمكانه ، هذا ما يفهم من ظاهر الآية البدائي.
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٨٩ (ط بيروت) ، ص ٩٤ ، رقم ٤٧ و ٤٦.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٩٧ ، رقم ٦٤.
(٣) تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ١٠ رقم ٧.