بالقشور.
إنه كان يعرض الآي القرآنية ـ لغرض فهم معانيها ـ على المتفاهم العام من الألفاظ والكلمات ، ثم على مباني الشريعة وشواهد التاريخ ونحوها ، ممّا كان متعارفا لفهم المعاني لدى العرف العام. لكن من غير أن يقتنع بذلك ، حتى يعرضها على فهم العقل وتوافق الفطرة ، من غير أن يختفي عنه شيء من الشواهد ودقائق الكلام.
قال ـ في تفسير قوله تعالى : (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) ـ : (١) لم يمسّخوا قردة ، وإنما هو مثل ضربه الله ، كما قال : (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً)(٢) ، قال : إنه مسخت قلوبهم ، فجعلت كقلوب القردة ، لا تقبل وعظا ولا تتّقي زجرا (٣).
وقد تكلمنا عن تفسيره هذا لهذه الآية ، في ترجمته السالفة ، وذكر أوجه ترجيحه ، وكلام السلف وعلماء المفسرين بشأنه.
وقال ـ في تفسير قوله تعالى : (رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ) ـ (٤) قال : مثل ضرب لم ينزل عليهم شيء ، قال أبو جعفر الطبري : قال قوم : لم ينزل على بني إسرائيل مائدة ، فقال بعضهم : إنما هذا مثل ضربه الله تعالى لخلقه ، نهاهم به عن مسألة نبيّ الله الآيات. ثم أسند ذلك إلى مجاهد (٥).
__________________
(١) البقرة / ٦٥.
(٢) الجمعة / ٥.
(٣) راجع : مجمع البيان ـ الطبرسي ـ ، ج ١ ، ص ١٢٩. والطبري ، ج ١ ، ص ٢٦٣. وتفسير مجاهد ، ص ٧٥ ـ ٧٦.
(٤) المائدة / ١١٤.
(٥) جامع البيان للطبري ، ج ٧ ، ص ٨٧.