عباس ، ويرفض ما استظهره سائر الفقهاء ، ويخطّئهم في استظهار الخلاف (١).
وهكذا في المسح على الخفّين كان ينكره أشدّ الإنكار. كان يقول : «سبق الكتاب المسح على الخفّين» (٢) ، يعني : أن الكتاب جاء بالمسح على الأرجل. أمّا المسح على الخفّين فأمر حادث ، لا يجوز ترك القرآن بذلك.
أمّا القوم فكانوا يرون المسح على الخفّين ناسخا للمسح على الأرجل. ذكر الجصّاص أن أبا يوسف كان يرى أنّ سنّة المسح على الخفّين نسخت آية المسح على الأرجل (٣).
وزيد بن أسلم مولى عمر ، الفقيه المفسّر ، برع حتى أصبح من كبار التابعين المرموقين. كانت له حلقة في مسجد المدينة يحضرها جلّ الفقهاء وربّما بلغوا أربعين فقيها. له تفسير يرويه عنه ولده عبد الرحمن. قال ابن حجر : أخذ العلم من جماعة ، منهم علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام ، وعدّه أبو جعفر الطوسي من أصحاب الإمام السجاد. قال : كان يجالسه كثيرا. له رواية عن الإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام.
وقد أخذ عليه حرّيته في الرأي والاجتهاد ، على خلاف مذهب الاحتياط والوقوف لدى المأثور. قال حمّاد : قدمت المدينة وهم يتكلّمون في زيد بن أسلم. فقال لي عبيد الله بن عمر : ما نعلم به بأسا إلّا أنه يفسّر القرآن برأيه.
__________________
(١) راجع : الطبري ، ج ٦ ، ص ٨٢ ـ ٨٣ والطبرسي ، ج ٣ ، ص ١٦٥.
(٢) تهذيب التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٦٨.
(٣) أحكام القرآن للجصّاص ، ج ٢ ، ص ٣٤٨.