(عهد التابعين) إمّا حضروا تلك المشاهد بأنفسهم ، أو بإمكانهم الملاقاة مع شهود القضايا ، والأخذ منهم مشافهة.
وهذا من أكبر المصادر لرفع الإبهام عن وجه كثير من الآيات ، وكان في متناولهم القريب.
رابعا : مراجعة اللغة في صميمها ، ولا سيّما أشعار العرب ، وهي ديوانها ودائرة معارفها ، للوقوف على مزايا اللغة وأساليب كلام العرب. والقرآن نزل على نمطها وعلى نفس نسجها في التعبير والبيان ، وإن كان في أسلوب أرقى وعلى نسج أقوى.
وكان ابن عباس يوصي أصحابه بل يحضّهم على مراجعة أشعار العرب للتعرّف على غريب القرآن. ولقد عدّ زعيم هذه الناحية من التفسير بالخصوص ، حتى لقد قيل بشأنه : إنه هو الذي أبدع الطريقة اللغويّة لتفسير القرآن (١).
كان يقول : الشعر ديوان العرب ، فإذا خفى علينا حرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب ، رجعنا إلى ديوانها ، فالتمسنا ذلك منه.
وأيضا قوله : إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر ، فإن الشعر ديوان العرب (٢).
خامسا : أنحاء العلوم والمعارف التي تعرّف إليها المسلمون ، بفضل التوسع في رقعة الإسلام. وازدحام وفود الآداب والثقافات المستوردة عليهم ، يحملها أمم ذووا حضارات عريقة ، كانوا يدخلون في دين الله أفواجا.
وقد أسلفنا أنّ التوسّع في الاطلاع على العلوم والمعارف ، مهما كان نمطها ،
__________________
(١) المذاهب الإسلامية لتفسير القرآن ، ص ٦٩. التفسير والمفسرون ، ج ١ ، ص ٧٥.
(٢) الإتقان ، ج ١ ، ص ١١٩.