الرواية الثانية :
ذكر ابن كثير الدمشقي : أن عبد الملك بن مروان استقدم مرة الإمام زين العابدين علي بن الحسين واستشاره في جواب ملك الروم عن بعض ما كتب إليه فيه من أمر السكة وطراز القراطيس (١).
الرواية الثالثة :
ذكر ابن الأثير أن الذي استشاره عبد الملك بن مروان هو خالد بن يزيد بن معاوية فأشار عليه بتحريم دنانير الروم وضرب سكة للناس فيها ذكر الله تعالى (٢)
القول الراجح : لعل من الواضح جدا أن القول الراجح هو الرواية الأولى والتي قام فيها الإمام أبو جعفر الباقر (عليهالسلام) باسمى خدمة للعالم الإسلامي بتحريره للنقد العربي الإسلامي من التبعية إلى الإمبراطورية فقد جعله الإمام مستقلا بنفسه يحمل الشعار الإسلامي وقطع الصلة بينه وبين الروم ، وما رجحنا ذلك إلا للأسباب الآتية :
١ ـ إن الرواية الثانية لم تذكر تفاصيل دقيقة عن هذه القضية الخطيرة وجاءت بدون سند يذكر ، علاوة على أنها سكتت عن جواب الإمام زين العابدين ولم تذكر شيئا سلبا أو إيجابا.
٢ ـ تتبعت المصادر التاريخية والرجالية عن حياة الإمام زين العابدين ، فلم أظفر بما ورد في الرواية الثانية بشيء عن هذه القضية ولو تلميحا ، وليس من المعقول أن تغفل كل تلك المصادر ما ذكره ابن كثير الدمشقي وانفرد فيه.
٣ ـ لعل ابن كثير الدمشقي قد نقل هذه الرواية ـ أقصد الثانية ـ عن مصدر آخر لم يصل إلينا.
٤ ـ أما الرواية الثالثة ، فقد تفرد ابن الأثير بذكرها ، وتقدم أيضا عند ترجمة خالد بن يزيد ما يضعف هذا القول خصوصا إذا ما علمنا أن تلك المصادر لم تشر إلى ما أشار إليه ابن الأثير.
__________________
(١) البداية والنهاية : ابن كثير الدمشقي ، ٩ / ١٠٤.
(٢) الكامل في التاريخ ، ابن الأثير ، ٤ / ٥٣.