دليلهم : واستدلوا على ما ذهبوا إليه بكثرة ما ورد عنه من علوم إسلامية تمثلت في الفقه والحديث والكلام والتفسير وغير ذلك ، وعزز بعض العلماء رأيهم هذا بجملة من الروايات أثبتوها عن جده رسول الله (صلىاللهعليهوآله) تؤيد ما ذهبوا إليه ، وإليك تلك الروايات :
أولا : ما رواه محمد بن يعقوب الكليني (ت : ٣٢٨ ه) والشيخ المفيد (ت : ٤١٣ ه) بأسانيد صحيحة عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد (عليهالسلام) قال : إن جابر عبد الله الأنصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله (صلىاللهعليهوآله) وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت ، وكان يقعد في مجلس رسول الله (صلىاللهعليهوآله) وهو معتجر بعمامة سوداء ، وكان ينادي : يا باقر العلم ، يا باقر العلم ، فكان أهل المدينة يقولون : جابر يهجر ، فكان يقول : والله ما أهجر ، ولكني سمعت رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يقول : إنك ستدرك رجلا مني اسمه اسمي وشمائله شمائلي يبقر العلم بقرا ، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول ، قال : فبينما جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مر بطريق وفي ذاك الطريق كتّاب فيه محمد بن علي فلما نظر إليه قال : يا غلام أقبل ، فأقبل ، ثم قال له : أدبر ، فأدبر ، ثم قال : شمائل رسول الله (صلىاللهعليهوآله) والذي نفسي بيده ، يا غلام ما اسمك؟ قال : محمد بن علي بن الحسين ، فجعل يقبل رأسه ويقول : بأبي أنت وأمي ، أبوك رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يقرؤك السلام ... قال : فرجع محمد بن علي إلى أبيه وهو ذعر فأخبره الخبر ، فقال له : يا بني قد فعلها جابر؟! قال : نعم ، قال : ألزم بيتك يا بني ... (١).
ويمكن أن نستشف من هذه الرواية عدة أمور منها :
١ ـ أن شمائل الإمام الباقر (عليهالسلام) وملامحه وصفاته تشبه شمائل وملامح جده رسول الله (صلىاللهعليهوآله).
٢ ـ أن النبي (صلىاللهعليهوآله) هو الذي سمى سبطه بمحمد ، وأضفى عليه لقب الباقر ، وأنه يبقر العلم بقرا.
__________________
(١) أصول الكافي ، الكليني ، ١ / ٤٦٩ ـ ٤٧٠+ الإرشاد ، الشيخ المفيد ، ٢٩٤.