المذهب الثاني : الواجب مسح مقدار الناصية والناصية تقدر بربع الرأس وهو قول أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي ، وهي رواية عن أحمد وبه قال مالك وإليه ذهب أكثر الزيدية (١). وقد استدل كل مذهب إلى ما ذهب إليه بأدلة أكثرها فيه نظر ، غير إننا نلتزم هنا بالمنهج الذي اتبعناه من ذكر الرواية التفسيرية المنقولة عن الإمام الباقر للآية القرآنية فقط دون التعرض إلى أدلة غيره لان ذلك يخرج البحث عما قدر له ، وأيا كان الأمر فاختلاف الفقهاء جاء من اختلافهم من دلالة الباء والتي أوصلها ابن العربي إلى أحد عشر قولا (٢).
نقل عن الإمام الباقر (عليهالسلام) أنه قال : يجزي اقل ما يقع عليه اسم المسح (٣) ، وبه قال الشافعي (٤).
وروى زرارة بن أعين أنه سأل الإمام الباقر (عليهالسلام) عن وضوء رسول الله (صلىاللهعليهوآله) فأجراه له متمثلا في كل مرحلة ببعض آية الوضوء (٥) ، وقد سئل عن الكعبين فقال : هما المفصل دون العظم (٦).
وروى زرارة أيضا أنه قال للإمام الباقر : إلا تخبرني من أين علمت وقلت أن المسح ببعض الرأس؟ فضحك الإمام ثم قال : يا زرارة قاله رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ونزل به الكتاب ، لأن الله يقول (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) فعرفنا أن الوجه ينبغي كله أن يغسل ثم قال (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) فعرفنا أن اليد لا تغسل كلها ، ثم فصل بين الكلامين وقال (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء (٧).
__________________
(١) فتح القدير ، ابن الهمام ، ١ / ١٠+ المغني ، ابن قدامة ، ١ / ١١١+ مواهب الجليل في شرح مختصر خليل ، الحطاب ، ١ / ٢٠٢.
(٢) ظ : أحكام القرآن ، ابن العربي ، ١ / ٢٣٥.
(٣) وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ١ / ٢٩١ ـ ٢٩٢+ كنز العرفان ، المقداد السيوري ، ١ / ١٩.
(٤) رحمة الأمة ، الدمشقي ، ١٥.
(٥) وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ١ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥+ التهذيب ، الشيخ الطوسي ، ١ / ١٦+ الاستبصار ، الشيخ الطوسي ، ١ / ٣٠+ قلائد الدرر ، الشيخ الجزائري ، ١ / ١٨ ـ ١٩.
(٦) وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ١ / ٢٩٠ ـ ٢٩١.
(٧) من لا يحضره الفقيه ، الصدوق ، ١ / ٣٠+ علل الشرائع ، الصدوق ، ١٠٣+ فروع الكافي ، الكليني ، ١ / ١٠+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ١ / ٢٩٠ ـ ٢٩١.