تصرفاته منارا وكيف لا يكون كذلك وهو يحس قبل غيره بعظم المهمة الملقاة على عاتقه وعاتق علماء عصره في التوجيه والإرشاد والدعوة إلى الله ، وبعظم المسئولية وخطورة هذا الموقف فارتقى بنفسه أولا إلى معاني الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة فكان مثار إعجاب الناس عامة والعلماء خاصة ، فلذلك يمكن أن نقول إن سلوك الإمام الباقر (عليهالسلام) ووصاياه التربوية والأخلاقية وخاصة في إظهار الجانب التربوي والأخلاقي في تفسيره تصلح أن تكون منهجا أخلاقيا فريدا ، استفاد منها فيما بعد من صنف من علماء الأمة في علم الأخلاق والتربية.
١٣ ـ لقد كان للإمام الباقر (عليهالسلام) مكانة في التفسير ولأقواله منزلة ، ففيه من الخصائص ما جعلنا نبرزه في هذا العلم وله من الصفات ما جعلته يحتل مكانة مرموقة فيه.
١٤ ـ قارنت آراءه وأقواله مع آراء غيره ، فوجدت في بعضها قوة وصحة ما يذهب إليه في التفسير ، وفي بعضها الآخر يخالف غيره مخالفة كلية حتى أنه اشتهر بأقوال في التفسير لم تؤثر عن غيره من مفسري الصحابة والتابعين ، وخاصة في مجال التفسير الفقهي.
١٥ ـ أثر الإمام الباقر (عليهالسلام) في التابعين في عصره وخاصة في ثقاة رجال الشيعة الإمامية الذين أمكننا تقسيمهم إلى طبقتين ، واحدة للمؤلفين والأخرى للرواة ، وتبين هناك أن أثر الإمام كان واضحا جدا فيهم ، وخاصة إنني عرضت لآرائهم على ما لدي من رواية لهم في كتب تفسيرية أخرى فوجدتها تطابق آراءهم من حيث المضمون وإن اختلف الأقوال.
١٦ ـ ظهر للإمام الباقر (عليهالسلام) أثر في كبار المفسرين من التابعين أمثال ابن زيد وقتادة وطاوس والحسن البصري من خلال عرض آرائهم على رأيه وقوله ، غير أننا قلنا هناك إن تسمية ذلك بالأثر فيه كثير من التجوز إذ أن العملية كلها لا تعدو أن تكون تأثيرا وأثرا متقابلين وحصر أيهما أسبق لضبط الأثر فيه ضرب من المستحيل.