فكيف يصح أن يطلب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الله ما فيه فساد الأمة. وكيف يصح على الله أن يجيبه إلى ذلك؟ وقد ورد في كثير من الروايات النهي عن الاختلاف. وأن فيه هلاك الأمة. وفي بعضها أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تغير وجهه واحمرّ حين ذكر له الاختلاف في القراءة. وقد تقدم جملة منها ، وسيجيء بعد هذا جملة اخرى.
٢ ـ قد تضمنت الروايات المتقدمة أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إن أمتي لا تستطيع ذلك «القراءة على حرف واحد» وهذا كذب صريح ، لا يعقل نسبته إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنا نجد الامة بعد عثمان على اختلاف عناصرها ولغاتها قد استطاعت أن تقرأ القرآن على حرف واحد ، فكيف يكون من العسر عليها أن تجتمع على حرف واحد في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد كانت الأمة من العرب الفصحى.
٣ ـ إن الاختلاف الذي أوجب لعثمان أن يحصر القراءة في حرف واحد قد اتفق في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد أقرّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كل قارئ على قراءته ، وأمر المسلمين بالتسليم لجميعها ، وأعلمهم بأن ذلك رحمة من الله لهم ، فكيف صح لعثمان ، ولتابعيه سد باب الرحمة ، مع نهي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن المنع عن قراءة القرآن ، وكيف جاز للمسلمين رفض قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخذ قول عثمان وإمضاء عمله ، أفهل وجدوه أرأف بالأمة من نبيها أو أنه تنبه لشىء قد جهله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قبل وحاشاه ، أو أن الوحي قد نزل على عثمان بنسخ تلك الحروف؟!.
وخلاصة الكلام : أن بشاعة هذا القول تغني عن التكلف عن ردّه ، وهذه هي العمدة في رفض المتأخرين من علماء أهل السنة لهذا القول. ولأجل ذلك قد التجأ بعضهم كأبي جعفر محمد بن سعدان النحوي ، والحافظ جلال الدين السيوطي إلى القول بأن هذه الروايات من المشكل والمتشابه ، وليس يدرى ما هو مفادها (١). مع
__________________
(١) التبيان : ص ٦١.