فهم ساهون» فلتقرّ عيون المجوزين لذلك. سبحانك اللهم إن هذا إلا بهتان عظيم. وقد قال الله تعالى :
(قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) «١٠ : ١٥».
وإذا لم يكن للنبي أن يبدّل القرآن من تلقاء نفسه ، فكيف يجوّز ذلك لغيره؟ وإن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علّم براء بن عازب دعاء كان فيه : «ونبيك الذي أرسلت» فقرأ براء «ورسولك الذي أرسلت» فأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يضع الرسول موضع النبي (١). فإذا كان هذا في الدعاء ، فما ذا يكون الشأن في القرآن؟. وإن كان المراد من الوجه المتقدم أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قرأ على الحروف السبعة ـ ويشهد لهذا كثير من الروايات المتقدمة ـ فلا بد للقائل بهذا أن يدلّ على هذه الحروف السبعة التي قرأ بها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأن الله سبحانه قد وعد بحفظ ما أنزله :
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) «٩ : ١٥».
ثالثا : أنه صرحت الروايات المتقدمة بأن الحكمة في نزول القرآن على سبعة أحرف هي التوسعة على الامة ، لأنهم لا يستطيعون القراءة على حرف واحد ، وأن هذا هو الذي دعا النبي إلى الاستزادة إلى سبعة أحرف. وقد رأينا أن اختلاف القراءات أوجب أن يكفّر بعض المسلمين بعضا. حتى حصر عثمان القراءة بحرف واحد ، وأمر بإحراق بقية المصاحف.
ويستنتج من ذلك امور :
١ ـ إن الاختلاف في القراءة كان نقمة على الأمة. وقد ظهر ذلك في عصر عثمان ،
__________________
(١) التبيان : ص ٥٨.