وقد أشكل على هذا الدليل :
بأن أخبار الثقلين إنما تدل على نفي التحريف في آيات الأحكام من القرآن ، لأنها هي التي أمر الناس بالتمسك بها ، فلا تنفي وقوع التحريف في الآيات الأخرى منه.
وجوابه :
إن القرآن بجميع آياته مما أنزله الله لهداية البشر ، وإرشادهم إلى كمالهم الممكن من جميع الجهات ، ولا فرق في ذلك بين آيات الأحكام وغيرها ، وقد قدمنا في بيان فضل القرآن أن ظاهر القرآن قصة وباطنه عظة ، على أن عمدة القائلين بالتحريف يدّعون وقوع التحريف في الآيات التي ترجع إلى الولاية وما يشبهها ومن البيّن أنها لو ثبت كونها من القرآن ، لوجب التمسك بها على الأمة.
الناحية الثانية : أن القول بالتحريف يقتضي سقوط الكتاب عن الحجية ، فلا يتمسك بظواهره ، فلا بد للقائلين بالتحريف من الرجوع إلى إمضاء الأئمة الطاهرين لهذا الكتاب الموجود بأيدينا ، وإقرار الناس على الرجوع اليه بعد ثبوت تحريفه ، ومعنى هذا : أن حجية الكتاب الموجود متوقفة على إمضاء الأئمة للاستدلال به ، وأولى الحجتين المستقلتين اللتين يجب التمسك بهما ، بل هو الثقل الأكبر ، فلا تكون حجيته فرعا على حجية الثقل الأصغر ، والوجه في سقوط الكتاب عن الحجية ـ على القول بالتحريف ـ هو احتمال اقتران ظواهره بما يكون قرينة على خلافها ، أما الاعتماد في ذلك على أصالة عدم القرينة فهو ساقط ، فإن الدليل على هذا الأصل هو بناء العقلاء على اتباع الظهور ، وعدم اعتنائهم باحتمال القرينة على خلافه ، وقد أوضحنا في مباحث الأصول أن القدر الثابت من البناء العقلائي ، هو عدم اعتناء العقلاء باحتمال وجود القرينة المنفصلة ، ولا باحتمال القرينة المتصلة إذا كان سببه احتمال غفلة المتكلم عن البيان ، أو غفلة السامع عن الاستفادة ، أما احتمال وجود