القرينة المتصلة من غير هذين السببين ، فإن العقلاء يتوقفون عن اتّباع الظهور معه ، ومثال ذلك : ما إذا ورد على إنسان كتاب ممن يجب عليه طاعته يأمره فيه بشراء دار ، ووجد بعض الكتاب تالفا ، واحتمل أن يكون في هذا البعض التالف بيان لخصوصيات في الدار التي أمر بشرائها من حيث السعة والضيق ، أو من حيث القيمة أو المحل ، فان العقلاء لا يتمسكون بإطلاق الكلام الموجود ، اعتمادا على أصالة عدم القرينة المتصلة ولا يشترون أية دار امتثالا لأمر هذا الآمر ، ولا يعدّون من يعمل مثل ذلك ممتثلا لأمر سيده.
ولعل القارئ يذهب به وهمه بعيدا ، فيقول : إن هذا التقريب يهدم أساس الفقه ، واستنباط الأحكام الشرعية ، لأن العمدة في أدلتها هي الأخبار المروية عن المعصومين عليهمالسلام ومن المحتمل أن تكون كلماتهم مقرونة بقرائن متصلة ، ولم تنقل إلينا.
ولو تأمّل قليلا لم يستقر في ذهنه هذا التوهم ، فإن المتبع في مقام الإخبار ، هو ظهور كلام الراوي في عدم وجود القرينة المتصلة ، فإن اللازم عليه البيان لو كان كلام المعصوم متصلا بقرينة ، واحتمال غفلته عنها مدفوع بالأصل.
نعم إن القول بالتحريف يلزمه عدم جواز التمسك بظواهر القرآن ، ولا يحتاج في إثبات هذه النتيجة إلى دعوى العلم الإجمالي باختلال الظواهر في بعض الآيات ، حتى يجاب عنه بأن وقوع التحريف في القرآن لا يلزمه العلم الإجمالي المذكور ، وبأن هذا العلم الإجمالي لا ينجز ، لأن بعض أطرافه ليس من آيات الأحكام ، فلا يكون له أثر في العمل ، والعلم الإجمالي إنما ينجز إذا كان له أثر عملي في كل طرف من أطرافه.
وقد يدّعي القائل بالتحريف : أن إرشاد الأئمة المعصومين عليهمالسلام إلى الاستدلال بظواهر الكتاب ، وتقرير أصحابهم عليه قد أثبت الحجية للظواهر ، وإن سقطت قبل