وبإسناده عن جابر. قال :
«سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : ما ادّعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده عليهمالسلام» (١).
والجواب عن ذلك :
إن وجود مصحف لأمير المؤمنين عليهالسلام يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لا ينبغي الشك فيه ، وتسالم العلماء الأعلام على وجوده أغنانا عن التكلف لإثباته ، كما أن اشتمال قرآنه عليهالسلام على زيادات ليست في القرآن الموجود ، وإن كان صحيحا إلا أنه لا دلالة في ذلك على أن هذه الزيادات كانت من القرآن ، وقد أسقطت منه بالتحريف ، بل الصحيح أن تلك الزيادات كانت تفسيرا بعنوان التأويل ، وما يؤول اليه الكلام ، أو بعنوان التنزيل من الله شرحا للمراد.
وإن هذه الشبهة مبتنية على أن يراد من لفظي التأويل والتنزيل ما اصطلح عليه المتأخرون من إطلاق لفظ التنزيل على ما نزل قرآنا ، وإطلاق لفظ التأويل على بيان المراد من اللفظ ، حملا له على خلاف ظاهره ، إلا أن هذين الإطلاقين من الاصطلاحات المحدثة ، وليس لهما في اللغة عين ولا أثر ليحمل عليهما هذان اللفظان «التنزيل والتأويل» متى وردا في الروايات المأثورة عن أهل البيت عليهمالسلام.
وإنما التأويل في اللغة مصدر مزيد فيه ، وأصله «الأول» بمعنى الرجوع. ومنه قولهم : «أوّل الحكم إلى أهله أي ردّه إليهم». وقد يستعمل التأويل ويراد منه العاقبة ، وما يؤول اليه الأمر. وعلى ذلك جرت الآيات الكريمة :
__________________
(١) نفس المصدر.