وقال عليهالسلام :
«من قرأ القرآن في المصحف متع ببصره ، وخفف عن والديه وإن كانا كافرين». (١)
وفي البحث على القراءة في نفس المصحف نكتة جليلة ينبغي الالتفات إليها ، وهو الإلماع إلى كلاءة القرآن عن الاندراس بتكثر نسخه ، فإنه لو اكتفى بالقراءة ، عن ظهر القلب لهجرت نسخ الكتاب ، وأدّى ذلك الى قلتها ، ولعله يؤدي أخيرا الى انمحاء آثارها.
على أن هناك آثارا جزيلة نصت عليها الأحاديث لا تحصل إلا بالقراءة في المصحف ، منها قوله : «متع ببصره» وهذه الكلمة من جوامع الكلم ، فيراد منها أن القراءة في المصحف سبب لحفظ البصر من العمى والرمد ، أو يراد منها أن القراءة في المصحف سبب لتمتع القارئ بمغازي القرآن الجليلة ونكاته الدقيقة ، لأن الإنسان عند النظر إلى ما يروقه من المرئيات تبتهج نفسه ، ويجد انتعاشا في بصره وبصيرته. وكذلك قارئ القرآن إذا سرح بصره في ألفاظه ، وأطلق فكره في معانيه وتعمق في معارفه الراقية وتعاليمه الثمينة يجد في نفسه لذة الوقوف عليها ، ومتعة الطموح إليها ، ويشاهد هشة من روحه وتطلعا من قلبه.
وقد أرشدتنا الأحاديث الشريفة الى فضل القراءة في البيوت. ومن أسرار ذلك إذاعة أمر الإسلام ، وانتشار قراءة القرآن ، فإن الرجل إذا قرأه في بيته قرأته المرأة ، وقرأه الطفل ، وذاع أمره وانتشر. أما إذا جعل لقراءة القرآن أماكن مخصوصة فإن القراءة لا تتهيأ لكل أحد ، وفي كل وقت ، وهذا من أعظم الأسباب في نشر الإسلام.
__________________
(١) اصول الكافي : ٢ / ٦١٣ ، كتاب فضل القرآن ، الحديث : ١.