فقد نسب إلى جماعة منهم ابن عباس ، وأبو العالية ، والحسن ، وعطاء ، وعكرمة ، وقتادة ، والسدى ، وزيد بن أسلم أن الآية منسوخة (١) واختلف في ناسخها فذكر ابن عباس أنها منسوخة بقوله تعالى :
(وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) «٢ : ١٥٠».
وذهب قتادة إلى أن الناسخ قوله تعالى :
(فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) «٢ : ١٥٠».
كذلك ذكر القرطبي (٢) ، وذكروا في وجه النسخ أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجميع المسلمين كانوا مخيرين في الصلاة إلى أية جهة شاءوا وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد اختار من الجهات جهة بيت المقدس ، فنسخ ذلك بالأمر بالتوجه إلى خصوص بيت الله الحرام.
ولا يخفى ما في هذا القول من الوهن والسقوط ، فإن قوله تعالى :
(وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) «٢ : ١٤٣».
صريح في أن توجهه إلى بيت المقدس كان بأمر من الله تعالى لمصلحة كانت تقتضي ذلك ، ولم يكن لاختيار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك دخل أصلا.
والصحيح أن يقال في الآية الكريمة : إنها دالة على عدم اختصاص جهة خاصة بالله تعالى ، فإنه لا يحيط به مكان ، فأينما توجه الإنسان في صلاته ودعائه وجميع عباداته فقد توجه إلى الله تعالى. ومن هنا استدل بها أهل البيت عليهمالسلام على الرخصة
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ١ / ١٥٧ ، ١٥٨.
(٢) تفسير القرطبي : ٢ / ٧٤.