٦ ـ (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) «٢ : ١٨٤».
فادعي أنها منسوخة بقوله تعالى :
(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) «٢ : ١٨٥».
ودعوى النسخ في هذه الآية الكريمة واضحة الثبوت لو كان المراد من الطوق (الطاقة) السعة والقدرة ، فإن مفاد الآية على هذا : أن من يستطع الصوم فله أن لا يصوم ويعطي الفدية : طعام مسكين بدلا عنه ، فتكون منسوخة.
ولكن من البين أن المراد من الطاقة : القدرة مع المشقة العظيمة. وحاصل المراد من الآية : أن الله تعالى بعد أن أوجب الصوم وجوبا تعيينيا في الآية السابقة ، وأسقطه عن المسافر والمريض ، وأوجب عليهما عدة من أيام أخر بدلا عنه ، أراد أن يبين حكما آخر لصنف آخر من الناس وهم الذين يجدون في الصوم مشقة عظيمة وجهدا بالغا ، كالشيخ الهمّ ، وذي العطاش ، والمريض الذي استمر مرضه إلى شهر رمضان الآخر ، فأسقط عنهم وجوب الصوم أداء وقضاء ، وأوجب عليهم الفدية ، فالآية المباركة حيث دلت على تعيين وجوب الصوم على المؤمنين في الأيام المعدودات ، وعلى تعين وجوبه قضاء في أيام أخر على المريض والمسافر ، كانت ظاهرة في أن وجوب الفدية تعيينا انما هو على غير هذين الصنفين اللذين تعين عليهما الصوم ، ومع هذا فكيف يدعى أن المستفاد من الآية هو الوجوب التخييري بين الصوم والفدية لمن تمكن من الصوم ، وإن أخبار أهل البيت عليهمالسلام مستفيضة بما ذكرناه في تفسير الآية (١).
__________________
(١) راجع التهذيب : ٤ / ٢٣٦ ، باب العاجز عن الصيام.