ولفظ الطاقة وإن استعمل في معنى القدرة والسعة إلا أن معناه اللغوي هو القدرة مع المشقة العظيمة ، وإعمال غاية الجهد. ففي لسان العرب : «الطوق الطاقة أي أقصى غايته ، وهو اسم لمقدار ما يمكنه أن يفعله بمشقة منه». ونقل عن ابن الأثير والراغب أيضا التصريح بذلك.
ولو سلمنا أن معنى الطاقة هي السعة كان لفظ الإطاقة بمعنى إيجاد السعة في الشيء ، فلا بد من أن يكون الشيء في نفسه مضيقا لتكون سعته ناشئة من قبل الفاعل ، ولا يكون هذا إلا مع إعمال غاية الجهد.
قال في تفسير المنار نقلا عن شيخه : «فلا تقول العرب : أطاق الشيء إلا إذا كانت قدرته عليه في نهاية الضعف ، بحيث يتحمل به مشقة شديدة» (١).
فالآية الكريمة محكمة لا نسخ لها ، ومدلولها حكم مغاير لحكم من وجب عليه الصوم أداء وقضاء. وجميع ما قدمناه مبني على القراءة المعروفة. أما على قراءة ابن عباس ، وعائشة ، وعكرمة ، وابن المسيب حيث قرءوا يطوّقونه بصيغة المبني للمجهول من باب التفعيل (٢) فالأمر أوضح. نعم بناء على قول ربيعة ومالك ، بأن المشايخ والعجائز لا شىء عليهم إذا أفطروا (٣) تكون الآية منسوخة ، ولكن الشأن في صحة هذا القول ، والآية الكريمة حجة على قائله.
٧ ـ (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) «٢ : ١٩١».
__________________
(١) راجع تفسير المنار : ٢ / ١٥٦.
(٢) أحكام القرآن للجصاص : ص ١٧٧.
(٣) الناسخ والمنسوخ للنحاس : ص ٢٣.