قال أبو جعفر النحاس : وأكثر أهل النظر على هذا القول أن الآية منسوخة ، وأن المشركين يقاتلون في الحرم وغيره. ونسب القول بالنسخ إلى قتادة أيضا (١).
والحق : أن الآية محكمة ليست منسوخة. فإن ناسخ الآية إن كان هو قوله تعالى :
(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) «٩ : ٥».
فهذا القول ظاهر البطلان ، لأن الآية الأولى خاصة ، والخاص يكون قرينة على بيان المراد من العام ، وإن علم تقدمه عليه في الورود ، فكيف إذا لم يعلم ذلك؟ وعلى هذا فيختص قتال المشركين بغير الحرم ، إلا أن يكونوا هم المبتدئين بالقتال فيه ، فيجوز قتالهم فيه حينئذ.
وإن استندوا في نسخ الآية الى الرواية القائلة أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بقتل ابن خطل ـ وقد كان متعلقا بأستار الكعبة ـ فهو باطل أيضا.
أولا : لأنه خبر واحد لا يثبت به النسخ.
ثانيا : لأنه لا دلالة له على النسخ ، فإنهم رووا في الصحيح عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله :
«إنها لم تحل لأحد قبلي وإنما أحلّت لي ساعة من نهارها» (٢) ، وصريح هذه الرواية أن ذلك من خصائص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا وجه للقول بنسخ الآية إلا المتابعة لفتاوى جماعة من الفقهاء ، والآية حجة عليهم.
٨ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) «٢ : ٢١٧».
__________________
(١) نفس المصدر : ص ٢٨.
(٢) فتح القدير للشوكاني : ١ / ١٦٨.