قال أبو جعفر النحاس : أجمع العلماء على أن هذه الآية منسوخة ، وأن قتال المشركين في الشهر الحرام مباح ، غير عطاء فإنه قال : الآية محكمة ، ولا يجوز القتال في الأشهر الحرم (١).
وأما الشيعة الإمامية فلا خلاف بينهم نصا وفتوى على أن التحريم باق ، صرح بذلك في التبيان (٢) وجواهر الكلام (٣) ، وهذا هو الحق ، لأن المستند للنسخ إن كان هو قوله تعالى :
(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) «٩ : ٥».
كما ذكره النحاس فهو غريب جدا ، فإن الآية علّقت الحكم بقتل المشركين على انسلاخ الأشهر الحرم ، فقد قال تعالى :
(فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) «٩ : ٥».
فكيف يمكن أن تكون ناسخة لحرمة القتال في الشهر الحرام؟
وإن استندوا فيه إلى إطلاق آية السيف وهي قوله تعالى :
(قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) «٩ : ٣٦».
فمن الظاهر أن المطلق لا يكون ناسخا للمقيد ، وإن كان متأخرا عنه.
وإن استندوا فيه إلى ما رووه عن ابن عباس وقتادة أن الآية منسوخة بآية السيف.
__________________
(١) الناسخ والمنسوخ للنحاس : ص ٣٢.
(٢) التبيان : ٢ / ٢٠٧ ، «سورة البقرة : ٢١٧»
(٣) جواهر الكلام : ٢١ / ٣٢ ، كتاب الجهاد.