الأمرين ـ مع أنه لا دليل عليه ـ مناف لظهور الآية.
وبيان ذلك : أن ضمير الجمع المخاطب قد ذكر في الآيتين ثلاث مرات ، ولا ريب أن المراد بالثالث منها هو المراد بالأولين. ومن البين أن المراد بهما خصوص الرجال ، وعلى هذا فيكون المراد من الموصول رجلين من الرجال ، ولا يراد منه ما يعمّ رجلا وامرأة ، على أن تثنية الضمير لو لم يرد منه الرجلان فليس لها وجه صحيح ، وكان الأولى أن يعبر عنه بصيغة الجمع ، كما كان التعبير في الآية السابقة كذلك. وفي هذا دلالة قوية على أن المراد من الفاحشة في الآية الثانية هو خصوص اللّواط لا خصوص الزّنا ، ولا ما هو أعم منه ومن اللّواط وإذا تمّ ذلك كان موضوع الآية أجنبيا عن موضوع آية الجلد.
وإذا سلمنا دخول الزاني في موضوع الحكم في الآية ، فلا دليل على إرادة نوع خاص من الإيذاء الذي أمر به في الآية ، عدا ما روي عن ابن عباس أنه التعيير وضرب النعال ، وهو ليس بحجة ليثبت به النسخ ، فالظاهر حمل اللفظ على ظاهره ، ثم تقييده بآية الجلد ، أو بحكم الرجم الذي ثبت بالسنّة القطعية.
وجملة القول : أنه لا موجب للالتزام بالنسخ في الآيتين ، غير التقليد المحض ، أو الاعتماد على أخبار الآحاد التي لا تفيد علما ولا عملا.
١٢ ـ (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) «٤ : ٢٤».
فقد قيل إنها منسوخة بما دلّ من السنة على تحريم غير من ذكر في الآية من النساء ، وثبوت هذه الدعوى موقوف على أن يكون الخاص المتأخر ناسخا للعام المتقدم لا مخصصا.