وأما الأمر الثاني : «تحريم نكاح المتعة بعد جوازه» فهو ممنوع ، فإن ما يحتمل أن يعتمد عليه القائل بالنسخ هو أحد امور ، وجميعها لا يصلح لأن يكون ناسخا ، وهي :
١ ـ إن ناسخها هو قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) «٦٥ : ١».
ونسب ذلك إلى ابن عباس (١).
ولكن النسبة غير صحيحة ، فإنك ستعرف ان ابن عباس بقي مصرّا على إباحة المتعة طيلة حياته.
والجواب عن ذلك ظاهر ، لأن الالتزام بالنسخ إن كان لأجل أن عدد عدة المتمتع بها أقل من عدّة المطلّقة فلا دلالة في الآية ، ولا في غيرها. على أن عدة النساء لا بد وأن تكون على نحو واحد ، وإن كان لأجل أنه لا طلاق في نكاح المتعة ، فليس للآية تعرض لبيان موارد الطلاق ، وأنه في أي مورد يكون وفي أي مورد لا يكون. وقد نقل في تفسير المنار عن بعض المفسرين أن الشيعة يقولون بعدم العدّة في نكاح المتعة (٢).
سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم. وهذه كتب فقهاء الشيعة من قدمائهم ومتأخريهم ، ليس فيها من نسب إليه هذا القول ، وإن كان على سبيل الشذوذ ، فضلا عن كونه مجمعا عليه بينهم ، وللشيعة مع هؤلاء الذين يفترون عليهم الأقاويل ، وينسبون إليهم الأباطيل يوم تجتمع فيه الخصوم ، وهنالك يخسر المبطلون (٣).
__________________
(١) راجع الناسخ والمنسوخ للنحاس : ص ١٠٥.
(٢) المنار : ٥ / ١٣ و ١٤.
(٣) سنتعرض لبعض هذه الافتراءات عند تفسيرنا قوله تعالى : «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» من هذا المجلد.