وروى جعفر بن محمد بن إبراهيم ، بإسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده :
«ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن الجداد بالليل ، والحصاد بالليل ، قال جعفر : أراه من أجل المساكين» (١).
وأما ما قيل في توجيه ذلك : إن يوم الحصاد يمكن أن يكون ظرفا لتعلق الحق بالمال لا للايتاء فيبطله :
١ ـ انه خلاف الظاهر الذي يفهمه العرف من الآية ، بل كاد يكون خلاف صريحها ، فإن الظرف إنما يتعلق بما تدل عليه مادة الفعل ، ولا يتعلق بما تدل عليه هيئته ، فإذا قيل أكرم زيدا يوم الجمعة كان معناه أن يوم الجمعة ظرف لتحقق الإكرام ، لا أنه ظرف لوجوبه.
٢ ـ ان الزكاة لا تجب يوم الحصاد ، بل يتعلق الحق بالمال إذا انعقد الحب ، وصدق عليه اسم الحنطة والشعير ، وعلى ذلك فذكر يوم الحصاد في الآية قرينة قطعية على أن هذا الحق هو غير الزكاة ، ومما يؤيد أن هذا الحق هو غير الزكاة : أنه تعالى نهى في هذه الآية عن الإسراف وذلك لا يناسب الزكاة المقدرة بالعشر ونصف العشر ، وإذا اتضح أن الحق الذي أمرت الآية الكريمة بإيتائه هو غير الزكاة الواجبة لم تكن الزكاة ناسخة له.
وجملة القول : أن دعوى النسخ في الآية المباركة تتوقف على إثبات وجوب حق آخر في الزروع حتى ينسخ بوجوب الزكاة ، ولا يستطيع القائل بالنسخ إثبات ذلك ، لأن ظهور الأمر في الوجوب ، وظهوره في الدوام والاستمرار لا يمكن الاحتفاظ بهما
__________________
(١) سنن البيهقي : ٤ / ١٣٣.