أفترى أنه سبحانه أمر بعبادة الوالدين ، حيث أمر بالتذلل لهما؟ مع أنه قد نهى عن عبادة من سواه قبل ذلك :
(وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) «١٧ : ٢٣».
أم ترى أن خفض الجناح من الذلّ ـ كما تفعله صغار الطير ـ هو من الإحسان الذي أمرت به الآية الكريمة ، وجعلته مقابلا للعبادة ، وإذا فلا يكون كل خضوع وتذلل لغير الله شركا بالله تعالى.
ثانيها : الخضوع للمخلوق باعتقاد أن له إضافة خاصة الى الله يستحق من أجلها أن يخضع له ، مع أن العقيدة باطلة ، وأن هذا الخضوع بغير اذن من الله كما في خضوع أهل الأديان والمذاهب الفاسدة لرؤسائهم. ولا ريب في أنه إدخال في الدين لما لم يكن منه ، فهو تشريع محرّم بالأدلة الأربعة ، وافتراء على الله تعالى.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) «١٨ : ١٥».
ثالثها : الخضوع للمخلوق والتذلل له بأمر من الله وإرشاده ، كما في الخضوع للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولأوصيائه الطاهرين عليهمالسلام بل الخضوع لكل مؤمن ، أو كل ما له إضافة إلى الله توجب له المنزلة والحرمة ، كالمسجد والقرآن والحجر الأسود وما سواها من الشعائر الإلهية. وهذا القسم من الخضوع محبوب لله فقد قال تعالى :
(فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) «٥ : ٤٥».
بل هو لدى الحقيقة خضوع لله ، وإظهار للعبودية له فمن اعتقد بالوحدانية الخالصة لله ، واعتقد أن الإحياء والإماتة والخلق والرزق والقبض والبسط والمغفرة والعقوبة كلها بيده ، ثم اعتقد بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأوصياءه الكرام عليهمالسلام :