أنبأنا محمد بن سيرين قال : «كان من أصحاب ابن مسعود خمسة يؤخذ عنهم ، أدركت منهم أربعة وفاتني الحارث فلم أره ، وكان يفضل عليهم وكان أحسنهم».
أقول : قد شاء التعصب والهوى أن يقول الشعبي : «حدثني الحارث الأعور وكان كذابا» وان يتابعه جماعة على رأيه.
قال أبو عبد الله القرطبي في الجزء الأول من تفسيره ص ٥ : «الحارث رماه الشعبي بالكذب وليس بشيء ولم يبين من الحارث كذب ، وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي عليهالسلام وتفضيله له على غيره ، ومن هاهنا ـ والله أعلم ـ كذبه الشعبي لأن الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر وإلى أنه أول من أسلم».
قال ابن حجر في ترجمة الحارث : وقد فسر ابن عبد البر في كتاب «العلم» السر في طعن الشعبي على الحارث فقال : «إنما نقم عليه لإفراطه في حب علي عليهالسلام ، وأظن أن الشعبي عوقب على تكذيبه الحارث لأنه لم تبن منه كذبة أبدا».
وقال ابن شاهين في الثقات : قال أحمد بن صالح المصري : «الحارث الأعور ثقة ما أحفظه وما أحسن ما روى عن علي وأثنى عليه ، قيل له فقد قال الشعبي : كان يكذب ، قال : لم يكن يكذب في الحديث إنما كان كذبه في رأيه».
بربك أخبرني أيها الناقد البصير هل يجوز في شريعة العلم؟ أو هل يسوّغ الدين نسبة الفاحشة إلى المسلم ، وقذفه بالكذب بمجرد ولائه لأمير المؤمنين عليهالسلام وتفضيله إياه على غيره؟ أليس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الذي جاهر بتفضيل علي عليهالسلام على غيره ، حتى جعله منه بمنزلة هارون من موسى وأثبت له خصالا لم يحظ بمثلها رجل من الصحابة ، وقد شهد بذلك ـ على ما رواه الحاكم في المستدرك [لجزء ٣ ص ١٠٨] سعد بن أبي وقاص أمام معاوية حين حمله على سبه فقال : «كيف أسب رجلا