كانت له خصال من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لو أن لي واحدة منها لكان أحب إليّ من حمر النعم» ثم ذكر قصة الكساء ، وحديث المنزلة وإعطاء الراية له في يوم خيبر ، ولم يكتف نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك حتى أعلم الامة بمنزلة الرفيعة ـ كما في نفس المصدر ص ١٠٨ ـ فقال لعلي : «من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاعك فقد أطاعني ، ومن عصاك فقد عصاني» ، وغير ذلك من فضائله التي لا تعد ولا تحصى.
نعم ليس من الغريب أن يفتري الشعبي على الحارث ، ويصفه بالكذب فقد كان من صنايع الأمويين يرتع في دنياهم ، ويسير على رغباتهم ، فقد بعثه عبد الملك بن مروان ـ كما في كتاب النجوم الزاهرة الجزء ١ ص ٢٠٨ ـ إلى مصر بسبب البيعة للوليد بن عبد الملك ، ثم تولى المظالم بالكوفة ـ كما في كتاب الأغاني الجزء ٢ ص ١٢٠ ـ من قبل بشر بن مروان أيام ولايته عليها من قبل عبد الملك ، ثم تولى القضاء ـ كما في تاريخ الطبري الجزء ٥ ص ٣١٠ الطبعة الثانية ـ من قبل عمر بن عبد العزيز في الكوفة ، فهو مرواني النزعة ، يقول ويفعل بما يشاء له الهوى ، لا يتحرج من كذبه ، ولا يتبرم من خطل.
ذكر أبو الفرج في الأغاني الجزء ١ ص ١٢١ عن الحسن بن عمر الفقيمي قال : «دخلت على الشعبي فبينا أنا عنده في غرفته إذ سمعت صوت غناء فقلت أهذا في جوارك؟ فأشرف بي على منزله فإذا بغلام كأنه قمر وهو يتغنى ... قال فقال لي الشعبي : أتعرف هذا؟ قلت : لا : فقال : هذا الذي أوتي الحكم صبيا ، هذا ابن سريج».
وذكر أيضا في الجزء ٢ ص ٧١ عن عمر بن أبي خليفة قال : «كان الشعبي مع أبي في أعلى الدار فسمعنا تحتنا غناء حسنا فقال له أبي : هل ترى شيئا؟ قال : لا.