فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اللهم أنت السامع لكل صوت ، والعالم بكل شىء ، تعلم ما قاله عبادك ...
وأما قولك : إن هذا ملك الروم ، وملك الفرس لا يبعثان رسولا إلا كثير المال ... فإن الله له التدبير والحكم ، لا يفعل على ظنك وحسابك واقتراحك ، بل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ... فلو كان النبي صاحب قصور يحتجب فيها ، أو عبيد وخدام يسترونه عن الناس أليس كانت الرسالة تضيع والأمور تتباطأ؟
وأما قولك لي : ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده فالملك لا تشاهده حواسكم ، لأنه من جنس هذا الهواء لاعيان منه ، ولو شاهدتموه بأن يزاد في قوى أبصاركم لقلتم : ليس هذا ملك بل هذا بشر لأنه إنما كان يظهر لكم بصورة البشر الذي ألفتموه لتفهموا عنه مقاله ...
وأما قولك : ما أنت إلا رجلا مسحورا فكيف أكون كذلك وأنتم تعلمون أني في التمييز والعقل فوقكم ، فهل جربتم على مذ نشأت إلى أن استكملت أربعين سنة جريرة أو كذبة أو خنى ، أو خطأ من القول أو سفها من الرأي؟ أتظنون أن رجلا يعتصم طول هذه بحول نفسه وقوتها أو بحول الله وقوته ...؟
وأما قولك : لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ... فإن الله ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظمه أنت ، ولا خطر له عنده كما له عندك ... وليس هو عزوجل مما يخاف أحدا كما تخافه لما له وحاله.
وأما قولك : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ، إلى آخر ما قلته ، فإنك اقترحت على محمد رسول الله أشياء : منها ما لو جاءك به لم يكن برهانا لنبوته ، ورسول الله يرتفع أن يغتنم جهل الجاهلين ويحتج عليهم بما لا حجة فيه.