ومنها ما لو جاءك به كان معه هلاكك ، وإنما يؤتى بالحجج والبراهين ليلزم عباد الله الإيمان ، لئلا يهلكوا بها ، فإنما اقترحت هلاكك ، ورب العالمين أرحم بعباده ، وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم كما يقترحون ، ومنها المحال الذي لا يصح ولا يجوز كونه ... ومنها ما قد اعترفت على نفسك أنك فيه معاند متمرد لا تقبل حجة ، ولا تصغي لبرهان ..!
فأما قولك : يا عبد الله لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا فإنك سألت هذا وأنت جاهل بدلائل الله ، أرأيت لو فعلت هذا كنت من أجل هذا نبيا؟ ... فما هو إلا كقولك لن نؤمن لك حتى تقوم وتمشي على الأرض ... أو ليس لك ولأصحابك جنان من نخيل وعنب بالطائف تأكلون وتطعمون منها ، وتفجرون خلالها تفجيرا ، أفصرتم أنبياء بهذه؟ ...
وأما قولك : أو تسقط السماء كما زعمت كسفا ... فإن في سقوط السماء عليكم موتكم وهلاككم ، فإنما تريد بهذا من رسول الله أن يهلكك ورسول رب العالمين أرحم بك من ذلك ولا يهلكك ، لكنه يقيم عليك حجج الله ، وليس حجج الله لنبيه وحده على حسب الاقتراح من عباده ، لأن العباد جهال بما يجوز من الصلاح وما لا يجوز من الفساد ... وهل رأيت يا عبد الله طبيبا كان دواؤه للمرضى على حسب اقتراحهم؟ ... فمتى رأيت يا عبد الله مدعي حق من قبل رجل أوجب عليه حاكم من حكامهم فيما مضى بيّنة على دعواه على حسب اقتراح المدعى عليه ...!
وأما قولك : أو تأتي بالله والملائكة قبيلا يقابلوننا ونعاينهم ، فإن هذا من المحال الذي لا خفاء به إن ربنا عزوجل ليس كالمخلوقين يجيء ويذهب يقابل ويتحرك ، ويقابل شيئا حتى يؤتى به ، فقد سألتم بهذا المحال ...
وأما قولك : يا عبد الله أو يكون لك بيت من زخرف ـ وهو الذهب ـ أما بلغك