للرحمن» مع قول الله تعالى :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) «١ : ٢».
وقد فوّت بجملته هذه المعنى المقصود من قول الله تعالى. فإن كلمة «الله» علم للذات المقدسة الجامعة لجميع صفات الكمال ، ومن صفات الكمال الرحمة التي أشار إليها في البسملة ، فذكر كلمة «الرّحمن» يوجب فوت الدلالة على بقية جهات الكمال المجتمعة في الذات المقدسة ، والتي يستوجب بها الحمد من غير ناحية الرحمة. وكذلك استبدال قوله : «ربّ الأكوان» بقوله تعالى :
(رَبِّ الْعالَمِينَ* الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) «١ : ٣».
فإن فيه تفويتا لمعنى هاتين الآيتين ، فإن فيهما دلالة على تعدد العوالم الطولية والعرضية ، وأنه تعالى مالك لجميعها ومربيها ، وأن رحمته تشمل جميع هذه العوالم على نحو مستمر غير منقطع ، كما يدل عليه ذكر لفظ «الرّحيم» بعد لفظ «الرّحمن». وسنوضح ذلك في تفسير البسملة.
وأين من هذه المعاني قول هذا القائل : «رب الأكوان؟» فإن الكون معناه الحدوث والوقوع والصيرورة والكفالة (١) وهو بجميع هذه المعاني معنى مصدري لا يصح إضافة كلمة الرب اليه وهي بمعنى المالك المربي. نعم يصح إضافة كلمة الخالق اليه. فيقال : خالق الأكوان. على أن لفظ الأكوان لا يدل على تعدد عوالم الموجودات الذي يدل عليه لفظ العالمين ، ولا على سائر الجهات التي تدل عليها الآية الكريمة.
وكذلك استبداله جملة «الملك الديّان» بقول الله تعالى :
__________________
(١) راجع لسان العرب مادة «كون».