قلنا إن القطع بالخمرية موضوع للحرمة أو النجاسة فمعناه كون نفس القطع محرما أو نجسا ، ولكنه توهم فاسد فإن معنى الموضوع هنا هو ما له دخل في الحكم سواء أكان شرطا للحكم أم وصفا للموضوع أو المتعلق.
بيانه : أنك قد عرفت في التقسيم الأول للقطع أن القطع الموضوعي الصحيح أصناف ثلاثة ، القطع المتعلق بالحكم أو بموضوع ذي حكم المأخوذان في موضوع حكم مخالف ، والقطع المتعلق بموضوع لا حكم له.
ففي الجميع يكون معنى الموضوعية هو شرطيته للحكم المتعلق به لأنه إذا قال الشارع إن علمت بوجوب الجمعة أو بخمرية مائع (ذي حكم أو بلا حكم) وجب عليك التصدق ، كان موضوع الوجوب حقيقة هو التصدق والقطع بوجوب الجمعة أو بالخمرية شرطا لحدوث الحكم وترتبه على موضوعه كشرطية الاستطاعة لوجوب الحج.
الثاني : تقسيمه إلى الوصفي والكشفي ، وكل منهما إلى تمام الموضوع وجزئه.
وهذا التقسيم للقطع الموضوعي فقط دون الطريقي وبيان ذلك يتوقف على مقدمتين :
الأولى : أن القطع أمر قلبي له جهتان ، إحداهما كونه صفة من الصفات النفسانية كالسرور والحزن والحب والبغض ، ثانيتهما كونه كاشفا عن متعلقه كشفا تاما وطريقا إليه طريقا واضحا ، ولأجل وجود هاتين الجهتين فيه ينتزع منه بمجرد حصوله وتعلقه بشيء وصفان للقاطع ووصفان للمتعلق ، فأنت قاطع بالخمرية بمعنى كونك ذا صفة خاصة وقاطع بمعنى كونك ذا طريق إليها ، وهذا الإناء مقطوعا به بمعنى كونه متعلق تلك الصفة الخاصة ومقطوعا به بمعنى كونه منكشفا ومؤدى للطريق.
الثانية : أنه لا إشكال في أن القطع قد يكون مصيبا ومطابقا للواقع وقد يكون مخطئا وجهلا مركبا وإن كان القاطع لا يلتفت إلى ذلك.
إذا عرفت ذلك فنقول الأقسام في هذا التقسيم أربعة :
الأول : الوصفي الموضوعي الملحوظ تمام الموضوع كما لو ورد إذا قطعت بحرمة الخمر وجب عليك التصدق ، فيما إذا لاحظ الشارع القطع بعنوان الوصفية ، بأن جعل موضوع وجوب التصدق هو عنوان القاطع بالمعنى الوصفي المنطبق على الشخص ، أو عنوان المقطوع به بالمعنى المنطبق على الخمر ، مع لحاظه له بنحو التمامية بأن أخذه