في مقام الإنشاء مع قصده إبلاغ حد الحكم ووقته في مقام آخر. أو عند انتهاء أمد الحكم ، فيكون حينئذ مقتضى ظاهر الدليل دوامه واستمراره ، فالحكم حينئذ موقت في مرحلة الثبوت مستمر دائم في مرحلة الإثبات.
فإذا ورد دليل النسخ كان ذلك كاشفا عن انتهاء أمد الحكم بتمام مقتضيه وملاكه فيحسب ذلك دفعا للحكم بالنظر إلى الواقع ورفعا بالنظر إلى الظاهر ، ومن هنا قيل إن النسخ دفع ثبوتي ورفع إثباتي.
تنبيهان :
أحدهما : في إمكان النسخ والآخر في وقوعه :
أما الأول : فقد ادعي استحالته في الأحكام الصادرة عن الحكيم ، بتوهم أنه إذا أنشأ حكما كليا ثم أنشأ نسخه بعد مدة ، فإن كان لذلك الحكم ملاك ومصلحة في جعله ، كان نسخه باطلا قبيحا ، وإن لم يكن مصلحة في جعله كان إنشاؤه من أصله لغوا باطلا ، فالنسخ من الحكيم يستلزم دائما أحد المحذورين إما خلاف الحكمة في الجعل وإما في النسخ.
وجوابه : أن جعل الحكم ثم نسخه بعد مدة يتصور على قسمين :
أولهما : أن لا تكون هناك مصلحة في جعل الحكم أصلا ، أو كانت في جعله موقتا محدودا ، فاعتقد الجاعل وجود ملاك دائم فأنشأ حكما مستمرا ، ثم ظهر له خطاؤه في اعتقاده فنسخه.
أو كانت المصلحة في جعله دائما مستمرا فاعتقد كونه موقتا فنسخه بعد مدة زعما منه تمام أمد الحكم وهذا القسم هو الذي يلزم منه لغوية الجعل تارة والنسخ أخرى ولا يتصور هذا في الشارع المحيط بجميع الأشياء علما والعالم بملاكات الأمور سعة وضيقا.
ثانيهما : أن تكون المصلحة في جعل الحكم موقتا محدودا فقصد الجاعل إنشاء حكم كذلك ، إلا أنه أنشأه بكلام مطلق من حيث الزمان ظاهر في الاستمرار والدوام ،