سواء كانت في الخارج أيضا علة أو كانت معلولا أو كانت ملازما.
والأول : كقولك الصلاة ذات مصلحة ملزمة وكل ما فيه مصلحة ملزمة فهو واجب فالصلاة واجبة فيما إذا صار علمك بالمصلحة سببا للعلم بالوجوب.
والثاني : كقولك الحج واجب وكل واجب له مصلحة ملزمة فالحج له مصلحة ملزمة فيما إذا صار علمك بالوجوب طريقا إلى علمك بالصلاح.
والثالث : كقولك الصلاة تنهى عن الفحشاء وكل ما ينهى عن الفحشاء فهو معراج المؤمن فهي معراج بناء على تلازمهما ، ومن هنا قيل إن الواسطة إن كانت علة في العين والذهن فهي واسطة في الثبوت وإن كانت علة في الذهن فهي واسطة في الإثبات وهذا يكون في وسائط القياس.
ثم إن النسبة بين الواسطة في العروض والثبوت هي التباين ، فلا شيء من وسائط العروض واسطة في الثبوت ولا شيء من وسائط الثبوت واسطة في العروض ، إذ لا يعقل أن يكون شيء معروضا لعرض وعلة لثبوت نفس ذلك العرض لمعروض آخر ، والنسبة بين الواسطة في العروض والإثبات عموم مطلق فكل واسطة في العروض يكون العلم بها علة للعلم بالاتصاف المجازي ولا عكس ، فتقول هذا الفرس ذو حركة سريعة وكل ما كان كذلك فهو سريع فالفرس سريع.
والنسبة بين الواسطة في الثبوت والإثبات أيضا كذلك فكل واسطة في الثبوت واسطة في الإثبات أيضا ولا عكس ، ففي قولك العالم متغير وكل متغير حادث ، المتغير واسطة في الثبوت والإثبات ، وفي قولك الصلاة واجبة وكل واجب فيه مصلحة ملزمة ، الوجوب واسطة في الإثبات وليس واسطة في الثبوت.
ثم إن الاحتياج إلى بيان الوسائط في هذا العلم يقع في موارد : منها بيان أن مسائل هذا العلم من قبيل الأمور العارضة لموضوعه مع الوساطة في الثبوت أو الإثبات ، فإن الحجية مثلا عارض وخبر العدل معروض والمصلحة الداعية إلى جعل الحجية له واسطة في الثبوت وما دل على ذلك من الكتاب والسنة واسطة في الإثبات ، وكذلك يقال في علم الفقه فالوجوب عارض وصلاة الجمعة مثلا معروض ومصلحة الفعل واسطة في الثبوت والدليل الدال على الوجوب واسطة في الإثبات وهكذا.