تنبيهات :
الأول : أنهم ذكروا أن الدليل على البراءة العقلية هي قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، بتقريب أن العقل حاكم بالاستقلال بأنه لو التفت عبد إلى حكم فعل من أفعاله وشك في وجوبه الواقعي وعدم وجوبه أو في حرمته وعدمها وتتبع وتفحص بقدر الوسع والإمكان فلم يجد دليلا على الحكم فترك مشكوك الوجوب وفعل مشكوك الحرمة كان عقاب المولى ومؤاخذته عليه قبيحا ، وهذا ما هو المشهور من أن دليل الأصل العقلي هو قبح عقاب الحكيم بلا بيان ومؤاخذته بلا برهان.
والدليل على البراءة الشرعية :
أولا ظاهر الكتاب كقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) والمعنى ما كان عادتنا سابقا ولاحقا أن نعذب أحدا على ترك واجب وفعل حرام حتى نبين حكمهما فبعث الرسول كناية عن بيان حكم الأفعال.
وقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) بناء على أن المراد الوسع العلمي. و (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) بناء على أن الإيتاء الإعلام.
وثانيا الأخبار ، فمنها : قوله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» في حديث الرفع : «رفع عن أمتي ما لا يعلمون» فإن الإيجاب والتحريم المجهولين من قبيل ما لا يعلم فيكونان مرفوعين.
ومنها قوله «عليهالسلام» في حديث الحجب : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم».
ومنها قوله «عليهالسلام» : «الناس في سعة ما لا يعلمون» أي أنهم من ناحية مجهولاتهم في سعة لا يؤاخذون عليها ولا يعاقبون.
ومنها قوله «عليهالسلام» : «كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه» أي كل مشكوك الحرمة والحلية في الواقع فهو لك حلال ظاهرا وهو معنى البراءة.
ومنها قوله «عليهالسلام» : «كل شيء لك مطلق حتى يرد فيه نهي» أي كل فعل أنت مرخص فيه حتى يصل إليك حرمته.