دفن المنافق وحرمته كان كل من الوجوب والحرمة مجهولا يجري فيه أصالة البراءة ، ولا يستلزم إجراء البراءة هنا مخالفة عملية إذا الفرض أنها غير ممكنة هنا.
ثالثها : وجوب الأخذ بأحدهما معينا والبناء القلبي عليه والعمل به ، كما ادعي أنه يجب الأخذ بالحرمة بالخصوص وترك الوجوب لأن دفع الضرر عند العقلاء أرجح من جلب المنفعة.
رابعها : وجوب الأخذ بأحدهما تخييرا بأن يبني قلبا على أنه واجب فيأتي به أو حرام فيتركه.
خامسها : التخيير عقلا كسابقه مع الحكم على كل واحد من الطرفين بالإباحة شرعا وهذا هو مختار صاحب الكفاية وببالي أنه يظهر من كلمات الشيخ رحمهالله أيضا.
الثاني : دوران الأمر بين الوجوب والحرمة يتصور على أقسام أربعة :
أولها : دورانه بين الوجوب والحرمة التوصليين بأن نعلم أنه لو كان واجبا فوجوبه توصلي لا يحتاج إلى نية التقرب ولو كان حراما فحرمته كذلك.
ثانيها : دورانه بين الوجوب والحرمة التعبديين بأن نعلم أنه لو كان واجبا فامتثاله لا يحصل إلا بقصد القربة ولو كان حراما فتركه قربي أيضا كتروك الصائم والمحرم مثلا.
ثالثها : أن يعلم بأن أحدهما المعين تعبدي والآخر توصلي كأن يعلم بأن صلاة الجمعة لو كانت واجبة فاللازم إتيانها قربيا ولو كانت محرمة فالمطلوب مجرّد الترك ولو بلا نية.
رابعها : أن يعلم بأن أحدهما غير المعين تعبدي والآخر كذلك توصلي ، ولا يخفى عليك أن الأقوال المذكورة في التنبيه السابق إنما تجري في الصورة الأولى والأخيرة من هذه الصور ، وأما الوسطان فلا مناص فيهما عن اختيار القول الثالث أو الرابع لاستلزام غيرهما المخالفة العملية القطعية ، مثلا إذا حكمنا بإباحة صلاة الجمعة في المثالين ولكن أتينا بها اقتراحا وبلا نية حصل لنا العلم بمخالفة حكم الله واقعا فإنها لو كانت واجبة لم نكن ممتثلين إذ إتيانها بلا نية كتركها ولو كانت محرمة لم يتحقق منا الترك فضلا عن كون الترك بقصد القربة.