لفظيا فلكون مجراه باب الألفاظ ، وأما كونه عقلائيا فلكون مدركه بناء العقلاء وعملهم وإن كان الشارع قد أمضاه أيضا بالعمل على طبق طريقتهم وهو كثير يرجع جهلها إلى مقام وضع اللفظ واستعماله في معناه وإرادة معناه منه ، كأصالة عدم الوضع وأصالة عدم الاشتراك وأصالة عدم النقل وأصالة عدم الإضمار وأصالة الظهور وأصالة الحقيقة وأصالة العموم وأصالة الإطلاق وغيرها.
بيان ذلك : أن العقلاء إذا شكوا في أن هذا اللفظ المعين مثلا موضوع أم لا؟ بنوا على عدم الوضع ، وإذا علموا بوضعه لمعنى فشكوا في وضعه لمعنى آخر أم لا؟ بنوا على العدم أيضا ويعبر عنه بأصالة عدم الاشتراك ، وإذا شكوا في أنه أضمر في الكلام شيء من المضاف والمتعلق ونحوهما بنوا على العدم ويعبر عنه بأصالة عدم الإضمار ، وإذا شكوا في أنه أريد ما كان اللفظ ظاهرا فيه ولو بالقرينة أم لا؟ بنوا على إرادته ويعبر عنه بأصالة الظهور ، وإذا شكوا في أنه أريد المعنى الحقيقي أم أريد غيره بنوا على إرادة المعنى الحقيقي ويعبر عنه بأصالة الحقيقة ، وإذا شكوا في ألفاظ العموم هل أريد منها الكل أو البعض بنوا على إرادة العموم ويعبر عنه بأصالة العموم ، وإذا شكوا في الألفاظ الموضوعة للطبائع الكلية مثلا أنه هل أريد منها مطلق الطبيعة السارية في الأفراد ولو بنحو البدل أو أريد الطبيعة المحدودة المقيدة؟ بنوا على إرادة نفس الطبيعة ويعبر عنه بأصالة الإطلاق وهكذا.
تنبيهان :
الأول : أن هنا أصلين آخرين لا بد من التعرض لهما
أحدهما : أصالة التطابق وتوضيح معناها أنه إن قلنا بأن استعمال العام والمطلق مع إرادة الخاص والمقيد مجاز فالأصل الجاري فيهما هو أصالتا العموم والإطلاق وهما من مصاديق أصالة الحقيقة غير أن مورد هذين الأصلين الشك في مجازية العام والمطلق ومورد أصالة الحقيقة الشك في مجازية كل لفظ واستعماله في غير ما وضع له ، وإن قلنا بعدم المجازية كما هو مذهب عدة من المحققين