والقذارة هنا ان كانت بمعنى النجاسة كانت الرواية من أدلة عدم انفعال الماء القليل ـ كما استدل بها القائلون بهذا القول ـ وان كانت قذارة عرفية كما هو المحتمل على القول بانفعال الماء القليل ؛ كانت الرواية ناظرة إلى نفى حكم استحبابي وهو غسل اليدين خارج الإناء قبل الاغتراف منه في مورد الرواية وأشباهه وهذا الحكم الاستحبابي إما يكون رعاية للتنزه عن القذارات العرفية أو اجتنابا عن القذرات الشرعية المحتملة التي لا يجب الاجتناب عنها في فرض الشك ، كما عرفت آنفا ؛ وعلى كل تقدير تكون الرواية من أدلة القاعدة فإن إبهامها من حيث موردها لا يضر بالقاعدة المستدل بها فيها.
٥ ـ ما رواه شيخ الطائفة المحقة بإسناده الى عبد الأعلى مولى آل سام قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة ، فكيف اصنع بالوضوء؟ قال : يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزوجل ، قال الله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ، امسح عليه (١) وهو من أظهر الروايات دلالة على المطلوب لصراحتها في إرجاع حكم المسألة الى كتاب الله عزوجل وامره عليهالسلام باستفادة أشباهها من قوله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) فلو كان في الأحاديث السابقة شائبة الإشكال من جهة احتمال كون نفى الحرج فيها من قبيل الحكمة للحكم لا العلة ـ وقد عرفت ان الاشكال فيها من هذه الناحية أيضا لا وجه له ـ يرتفع بصراحة هذا الحديث في كون نفى الحرج علة للحكم بحيث يدور مدارها ويجوز التعدي من موردها الى غيره.
نعم يبقى فيها إشكالات من جهات أخر لا بد من التعرض لها وبيان ما يمكن ان يقال في حلها :
الأول ـ في كيفية استفادة وجوب المسح على المرارة من قوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) فان نفى الحرج إنما ينفي وجوب الوضوء عليه على نحو وضوء المختار ، واما وجوب المسح على الجبيرة فلا.
__________________
(١) الحديث ٥ من الباب ٣٩ من أبواب الوضوء من الوسائل