هنا هو العمل الشاق الخالي عن فائدة مرغوبة ، والا فمجرد ارادة التطهير من الوضوء والغسل والتيمم الذي بدل عنهما لا يرفع مشقة الفعل لو كان شاقا وحرجيا في نفسها ، فلا معنى لنفي ارادة الحرج وإثبات إرادة التطهير ، لان حالها من حيث العسر والضيق والمشقة لا تتفاوت بإرادة غاية الطهارة منها وعدمها.
٧ ـ ما رواه عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الاسناد عن مسعدة بن صدقة قال حدثني جعفر ، عن أبيه ، عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : مما اعطى الله أمتي وفضلهم على سائر الأمم ؛ أعطاهم ثلث خصال لم يعطها إلا نبي (نبيا) وذلك ان الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيا قال له : اجتهد في دينك ولا حرج عليك وان الله تبارك وتعالى اعطى ذلك أمتي حيث يقول (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) يقول : من ضيق الحديث (١)
وظاهر هذا الحديث ان رفع الحرج الذي منّ الله به على هذه الأمة المرحومة كان في الأمم الماضية خاصة بالأنبياء وان الله اعطى هذه الأمة ما لم يعطها إلا الأنبياء الماضين (صلوات الله عليهم) فلا ينافي ما دل على اختصاص رفع الحرج بهذه الأمة فتأمل
٨ ـ ما رواه العلامة المجلسي «قدسسره» من كتاب «عاصم بن حميد» عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) فقال : في الصلاة والزكاة والصيام والخير ان تفعلوه (٢)
ذكره العلامة المجلسي في باب «ما يمكن ان يستنبط من الايات والاخبار من متفرقات أصول مسائل الفقه» وقال في ذيله : الظاهر ان الغرض تعميم نفى الحرج (انتهى).
والظاهر ان مراده ان نفى الحرج لا يختص بعبادة من العبادات بل يشمل جميعها وجميع الطاعات والخيرات التي يفعلها الإنسان فلم يجعل الشارع فيها امرا حرجيا فلو كان إطلاقها يشمل موارد الحرج لا بد من تخصيصها بغيره.
__________________
(١) ورواه في تفسير البرهان في ذيل الآية الشريفة عن كتاب عبد الله بن جعفر أيضا
(٢) بحار الأنوار ـ المجلد الأول صفحة ١٥٥.