«ان ملاك الحجية وهي غلبة الأيدي المالكية في مقابل غيرها (على مختاره) محفوظ في المقام ، وغلبة بقاء الأعيان الموقوفة على حالها ، لندرة تحقق المسوغ ؛ وان كانت ثابتة لا تنكر ؛ ولكنها انما هي في اليد التي ثبتت على الوقف حدوثا إذا شك في بقائها على حالها أو انقلابها يد الملك ، واما في مورد البحث المفروض انقطاع اليد السابقة على الوقف فيها وحدوث يد اخرى يشك في انها على الملك أو الوقف ، فلا مجال لتوهم بقاء اليد على حالها ، فان غلبة كون الأيدي مالكية شاملة له ولا وجه للعدول عنها ؛ وإذ قد ثبت ملاك طريقة اليد هنا فلا وجه لمنع شمول الإطلاقات له ، وليست الخدشة فيه الا كالخدشة في سائر المقامات».
ثمَّ قال : «بل يمكن ان يقال بناء على كون اليد أصلا ان اليد تتكفل لإثبات أصل الملكية ، وحيث انها عن سبب مشكوك الحال من حيث استجماعه لشرط التأثير وهو المسوغ لبيع الوقف فأصالة الصحة في السبب الواقع بين مستولى الوقف وذي اليد تقضى بصحة السبب كما بنينا عليه في أصالة الصحة ، فإنها مقدمة على الأصول الموضوعية الجارية في موردها ، ومنها أصالة عدم المسوغ» انتهى ملخصا.
أقول ـ فيه أولا ما عرفت سابقا من ان ملاك حجية اليد ليس غلبة الأيدي المالكية ، بل الملاك فيها ظهور حال اليد وهو مقتضى طبعها الاولى ، ونظيره في ذلك حجية أصالة الحقيقة ، فإنها ليست من باب غلبة الحقيقة على المجاز بل هي حجة ـ ولو كانت المجازات أكثر ـ وقد مر توضيحه بما لا مزيد عليه.
وثانيا ـ ان هذه الغلبة قد انقلبت في الأعيان الموقوفة فإن الغالب في الأيدي الجارية عليها حدوثا أو بقاءا بأي نحو كانت هو عدم المالكية ، والفرق بين اليد السابقة والحادثة لا وجه له ؛ فان جميعها تجرى على العين الموقوفة ، ولحاظ الغلبة انما هو في المجموع من حيث المجموع فإنها تشترك في جريانها على العين الموقوفة.
وثالثا ـ ما ذكره من تتميم الاستدلال بها ، بناء على كونها من الأصول العملية ، بأصالة الصحة في البيع الواقع من متولي الوقف وذي اليد ، ممنوع ؛ لما أشرنا إليه في ـ المجلد الأول من هذا الكتاب في باب قاعدة الصحة من عدم جريانها في أمثال المقام فراجع.