فرجعت إلى عائشة فأخبرتها فقالت : أدخلها ، فدخلت فوضعته بين يدي عائشة ، فوضعته عائشة بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فجعل يأكل وخرجت الجارية ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ليت أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وإمام المتّقين يأكل معي. فجاء جاء فدقّ الباب ، فخرجت إليه ، فإذا هو علي بن أبي طالب. قال : فرجعت فقلت : هذا علي. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : مرحبا وأهلا فقد عنيتك مرّتين حتى أبطأت عليّ ، فسألت الله عزّ وجلّ أن يأتي بك ، اجلس فكل معي » (١).
فهذا الحديث صريح في أنّ دعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن ناشئا عن الميل النفساني ، بل إنّ دعائه بحضور أمير المؤمنين عليهالسلام عنده وأكله معه كان لأجل كونه عليهالسلام « أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وإمام المتقين » هذه الأوصاف التي يكفي الواحد منها للإمامة والخلافة من بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل.
فلو سلّم كون الأحبيّة في حديث الطير مقيّدة بالأكل مع النبيّ ، فلا ريب في أنّ السبّب في هذه الأحبيّة هي الأحبيّة الحقيقيّة العامّة والأفضليّة المطلقة التامّة الثابتة لأمير المؤمنين عليهالسلام.
فإنكار دلالة حديث الطير ، ودعوى دلالته على مجرّد الأحبيّة في الأكل ـ أو تأويله بغير هذا التأويل ممّا ذكره ( الدّهلوي ) ـ لا يسقط الحديث عن الصّلاحية للاستدلال به للامامة والخلافة بلا فصل لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
__________________
(١) مناقب أمير المؤمنين عليهالسلام لا بن مردويه ـ مخطوط.