فالمعتبرة هي حينئذ ، ومنه ينقدح الاجتزاء بأذانه بقصد الجماعة وإن لم يسمعه المأمومون بخلاف أذانهم الذي لم يسمعه هو ، ودعوى أنه لا ظهور في الخبرين المزبورين (١) باجتزائهم بسماعه خاصة ـ سيما أولهما (٢) والظاهر في أن الجميع سمعوا إقامة الجار ، وأقصى الثاني إجزاؤه له لا لهم ـ يدفعها ترتب الاجزاء لهم في الخبر الأول على سماعه عليهالسلام ، وكون المراد من الثاني بيان الاجزاء له المستلزم للاجزاء عنهم باعتبار تبعية صلاتهم صلاته ، فالمدار بالنسبة إلى ذلك ونحوه عليها ، ولذا لم يعرف خلاف بين الأصحاب في الاجتزاء بسماعه خاصة ، وبالأولى يستفاد منه حكم أذانه ، والمناقشة في الأولوية المزبورة باعتبار تعدد الحكم السماوية يدفعها عدم اعتبار مثل هذه الاحتمالات في قطع الفقيه الممارس لأقوالهم عليهمالسلام ، ومنه القطع هنا بمساواة المنفرد للإمام في الاجتزاء بالسماع ولو للمنفرد أو أولويته بذلك ، وإن كان المفروض في عبارة الأكثر الإمام ، إلا أن الظاهر كون ذلك منهم تبعا للنص لا لإرادة عدم اجتزاء غيره ، ولقد أجاد أول الشهيدين وثاني المحققين بدعوى أن ذلك من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى على أنه قد يحتج له أيضا بإطلاق صحيح ابن سنان (٣) وبظهور قوله عليهالسلام (٤) : « يجزيكم أذان جاركم » بناء على إرادته ذلك من حيث سماعهم ، إذ لا فرق حينئذ بين المأموم والمنفرد ، بل يمكن دعوى ظهور خبر أبي مريم فيه أيضا بأن يقال لا خصوصية للإمامية في اجتزائه بالسماع قطعا ، ضرورة أنها إن كان لها خصوصية فهي بالنسبة إلى الجماعة لا صلاة الإمام نفسه ، بل لا ريب في ظهوره باجزاء ذلك السماع وإن عدل عن
__________________
(١) المتقدمين في الصحيفة ١٣٦ في التعليقة ٣ و ٤.
(٢) الصحيح تبديل « أولهما » بلفظ « ثانيهما » وتبديل « الثاني » بلفظ « الأول » وكذلك الأول والثاني الواقعان في الدفع.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ١.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ٣.