وخبر عمرو بن خالد لا دلالة فيه على الاجتزاء عن غير الإقامة ، إذ تركه الأذان يمكن أن يكون لأنه جامع بين الفرضين أو في يوم الجمعة أو للاقتصار عليها أو لغير ذلك.
كما أنه ينبغي أن يعلم عدم اشتراط عدم حصول الكلام بعدها في إجزاء السماع وإن كان قد يظهر من خبر أبي مريم ، إلا أن قوله عليهالسلام : « قوموا » بعد السماع في خبر عمرو بن خالد وما سمعته سابقا من عدم بطلان الإقامة القولية بالكلام بعدها ـ والظاهر بدلية السماع عنه ، فحكمه حكم مبدله ، مضافا إلى استصحاب السقوط ـ يشهد بخلافه.
نعم يستحب الإعادة حينئذ كما في القولية التي هي أقوى من السماعية ، وعليه يحمل حينئذ الظهور المزبور في خبر أبي مريم ، بل لا يبعد استحباب إعادتها والأذان مطلقا ، لظهور قوله عليهالسلام : « وأنت تريد » في صحيح ابن سنان ، ولفظ الاجزاء في الخبرين المزبورين في مشروعية غيره ، بل ظاهر لفظ الاجزاء رجحانه عليه واحتمال إرادة الاكتفاء منه لا أقل المجزي ـ فيحرم حينئذ الإعادة ـ ممكن ، بل يؤيده ما تقدم لنا سابقا في المباحث السابقة ، خصوصا فيمن أدرك الجماعة قبل أن تتفرق ، إلا أنه لم أجد أحدا قال به هنا ، بل ظاهر تعبير الأصحاب هنا بالجواز والاجتزاء ونحوهما الأول ، نعم عن النفلية خاصة التعبير بالسقوط ، وعن شرحها لثاني الشهيدين المراد سقوط الشرعية رأسا ، ولكن لم يرتضه ، وفي الذكرى جعل الاستحباب احتمالا قال : « وهل يستحب تكرار الأذان والإقامة للإمام السامع أو لمؤذنه أو للمنفرد؟ يحتمل ذلك وخصوصا مع اتساع الوقت ».
لكن على كل حال ينبغي استثناء سماع الامام والمأمومين مؤذن جماعتهم من الاستحباب المزبور ، لإطباق السلف على خلافه على وجه يعلم منه عدم الاستحباب كما قطع به في الذكرى وكشف اللثام وغيرهما ، ولا ينافي ذلك ما تقدم في تعدد المؤذنين