في النية لهما ، إذ هما حينئذ كباقي أحكام الفريضة الذي من المعلوم عدم وجوب التعرض في النية له ، بل يجزيه نية فريضة الظهر ، وهو بالخيار في الإتيان بأحد فرديها ، حتى لو عزم على أحدهما من أول الأمر لم يلتزم به ، وكان له اختيار الفرد الآخر ، للأصل السالم عن معارضة ما يدل على التزامه بما عزم عليه من أحدهما.
ومن هنا صرح غير واحد من الأصحاب ببقاء التخيير له في الأثناء كالابتداء بل بذلك استدل بعضهم على عدم وجوب التعرض في النية ، وإن كان قد يناقش فيه بأن جواز العدول له عما نواه أعم من عدم وجوب التعرض في النية لذلك ، إذ أقصاه أنه كالعدول من الحاضرة إلى الفائتة ، اللهم إلا أن يريد بقاء التخيير الأول ، وأن تعيينه أحدهما كعدمه لا يلتزم به ولا تتشخص الصلاة به لذلك ، فليس هو عدولا ، بل الحكم الأول باق ، ومن ذلك يعلم قاعدة ، هي أن كل ما لا يتعين في العمل لا يتعين في النية ، وعلى كل حال فالمتجه بناء على ذلك عدم وجوب التعرض في النية وعدم الالتزام به لو تعرض ، بل ليس التعرض المزبور سوى أنه عزم منه على اختيار أحد الفردين لا يلتزم به ولا يشخص ما وقع من أفعاله لما نواه.
أما بناء على انهما ماهيتان مختلفتان فيمكن القول بوجوب التعيين ، وأنه يتعين عليه ما نواه ، بل لا يخلو القول بالعدول لاستصحاب التخيير أو إطلاق دليله من إشكال ، وحينئذ فلو شك في العدد على وجه يمكن علاجه على تقدير اختيار الأربع جاز له حينئذ البناء على التمام والعمل بما يقتضيه الشك ، إذ احتمال البطلان ـ لأنه الأصل في الشك ، فليس له حينئذ اختيار التمام بعد حصول الشك كما هو الفرض ـ في غاية الضعف ، للأصل وغيره ، نعم يمكن القول بتعين اختيار التمام عليه تجنبا عن إبطال العمل ، ولأنه كتعذر أحد فردي المخير عليه ، فيتعين عليه الفرد الآخر ، بل قد يقال ذلك فيما لو كان من نيته القصر وشك ، لما عرفت من عدم التعين بنيته عليه بحيث يكون عدولا منه